حسن فضل المولى يكتب :

ورحل زين الزين

شارك الخبر

لقد كان فقدا موجعا ومزلزلا .. وقطعا لو كان الموت يُردُ لما وجد طريقه إلى الزين ولتصدى له جميع محبيه ..ولو كان الموت يَهاب أحدا لكان الزين من الخالدين .
ولو كان الزين يُفتدى لأفتدته مهجٌ وأرواحٌ وأنفس .
ولكن إرادة الله العلي القدير قضت أن الموت سبيل الأولين والآخرين ولا يستكثرن أحدٌ على الله أحداً ، وبهذا الرضى نستودع الله أخاً طيباً وكريماً وعزيزاً ..لقد كان يسعى بيننا في تواضع جم وقلبه معلقا بالثريا .
يلقاك بحميمية ..وبوجه هو النضار .. مهذب.. مؤدب.. ذلول.. ليس بذليل.. بسيط في هندامه.. مع أناقة آسرة.. يدخل على القوم متسللا كالشعاع.. في هدوء وسكينة .
يجلس حيثما انتهى به المجلس .. ويأكل مما يليه ..لا يتبرع بقول إلا عند السؤال.. تكسو وجهه ابتسامة لا تفارقه .. وهو لا يرضى لنفسه الدنية فتراه متجافيا عن كل ما يزري أو يشين .
لذا غادر ولم يترك لأهله وأحبابه من عرض الدنيا وحطامها شيئا مذكورا .. ولكن ترك لهم من المحبة ما لو قسمت بين أهل الأرض لكفتهم ..وقد علم الأقوام لو أن زينا.. أراد ثراء المال كان له وفرُ.. وإني لأكاد أجزم أن كثيرين لن يستوعبوا لوقت طويل أن الزين قد رحل .. خاصة أولئك الذين ما كان يطيب لهم مجلس إلا والزين عُــرَته وهـم يأنسون إليه ويسعدون به .
وأنا في نواحي مقابر (حلة حمد) هاتفني الصديق محمد لطيف : أين أنت ؟؟
وكنت لحظتها أبطيء الخُطى متثاقلا لعلي أشحذ قدرا من التماسك قبل أن ألقى عليه نظرة الوداع الأخيرة؟
وبعدها رأيت الدموع تتقاطر من مآقٍ كانت تستعصي على البكاء .
وهنا وهناك كان يعلو النحيب حتى يختلط عليك من هو القريب ومن البعيد ذلك أن الجميع إزاء فقد الدكتور زين العابدين عباس الفحل موجوعون ولفراقه محزونون .
وكفى بموت الزين واعظا للذين يؤمّلون.. ويكنزون.. ويكذبون.. ويطغيهم الأمل.. ويكيدون كيدا.
فيا أيها السيدات والسادة ..انتبهوا ..إن الموت الذي اختطف الزين وهو في كامل القوة والحيوية لن يخطئكم.
فهو قريب.. بل يختبيء في ثناياكم.. ولن يغادر أحدَنا إلا وهو في معيته.. وتحت قبضته.
ألا من يُبلغ عني أخي الزين أني لفراقه لمحزون مكلوم ..
(إِنَّا للهِ وإِنِّا إِلَيْهِ رِاجِعُونَ)

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.