حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

هذة القوننة

شارك الخبر

1
استخدام سلطة الدولة لمعاقبة العاملين في الخدمة العامة بشقيها المدني والعسكري عندما يشتغلون بالسياسة بدا مع الانجليز مؤسسي هذة الخدمة في السودان فالسيد اسماعيل الازهري عندما كان مدرسا في كلية الخرطوم الجامعية التي كانت تطورا لكلية غردون التذكارية تم نقله تسعفيا الي حنتوب عقابا لنشاطه السياسي فقال قولته المشهورة نقلونا حنتوب لكن مش حانتوب وفي النهاية ترك الميري نهائيا وتفرغ للسياسة ولعل هذا هو السبب الذي جعل معظم طلائع الحركة السياسية الوطنية من المحامين لانهم لايخضعون لسلطة الدولة بصورة مباشرة فهم اقرب للاعمال الحرة ولكن المشكلة ان هؤلاء المحاميين بنوا نشاطهم السياسي على القانون لانه مجال تخصصهم وهذا ما يسمى في علم النفس الوظيفي بشوهات المهنة اذ كانت نظرتهم لتطور البلاد محصورة في التطور الدستوري وما يتفرع عنه من قوانين وبالتالي اهملت الحركة السياسية الجوانب التنموية والاجتماعية الاخرى
2
اتفاقية الحكم الذاتي كانت محور النشاط السياسي قبل الاستقلال وبعد الاستقلال انحصر النشاط في البحث عن دستور دائم فكانت اللجنة القومية للدستور 1957 التي عطلها انقلاب عبود وبعد اكتوبر عاد الحديث عن الدستور بقوة وكان ذلك مصحوبا بفكرة الدستور الاسلامي التي طورها استاذ القنون الدستوري بجامعة الخرطوم الدكتور حسن الترابي واعطاها زخما الي ان اوصلها مرحلة المسودة 1968 فكان انقلاب النميري مايو 1969 اليساري الذي جاء كما يقول اهله لتمزيق تلك الوريقة الصفراء المسماه الدستور الاسلامي ولعل المفارقة ان ذات النميري انتهت فترته بتطبيق الحدود الواردة في الشريعة الاسلامية 1983 فتنزل الجدل من مستوى الدستور الذي هو عبارة عن مبادي فضفاضة الي القانون الجنائي المطبق في المحاكم بالاضافة لاصول الاحكام القضائية لابل حاول نميري ابتدع دستور ثيوقراطي في 1984 المهم في الامر ان بلادنا اصبحت غارقة في جدل دستوري وقانوني اعمانا من النظرة الكلية للنهوض والتنمية
3
دعونا نقفز الي يومنا هذا والذي يصادف مرور عام على ثورة ديسمبر المجيدة فهذة الثورة قامت على انقاض نظام اورد البلاد مورد التهلكة فاصبحت معظم اوجه الحياة محتاجة الي تغيير وبدايات جديدة ولكن الملاحظ في الايام الاخيرة ان مجموعة قانونية موجودة في مكان ما سيطرت على توجيه دفة الحكم فاصبحنا كل يوم امام قانون جديد مفصل تفصيلا سياسيا واصبحنا وكان لدينا مصنع لصناعة لجان التحقيق كل ساعة لجنة . كان يكفي مفوضية لمحاربة الفساد وتلتفت الحكومة للمهمام الجسام الاخرى . الحكومة والشارع السياسي اصبحا الان غارقين في بحر القوانين المتلاطم وكان البلاد ليس بها ازمة اقتصادية طاحنة وكان البلاد في بحبوحة من السلام وكان العالم من حولنا يحملنا على كفوف الراحة . نعم لدولة القانون والثورة قامت من اجل دولة القانون ولكن لايعني هذا ان الدولة سوف تاكل قانون وتتقدم بالقانون فالقوانين كلما كانت قليلة في عددها مختصرة في معانيها كلما امكن تطبيقها بسهولة ويسر ويكفي ان نشير هنا الي ان الدستور وهو ما يسمى بابو القوانين لا وجود له في بعض البلدان كبريطانيا اما في امريكا فالدستور مكون من مواد قليلة جداوعمره مئات السنين ونحن هنا كل يوم في شان دستوري وتفصيل قانوني الامر الذي ارهق وسيرهق الجهاز التنفيذي ويصرف البلاد والعباد عن النظرة الكلية للامور فمن فضلكم فكونا من حالة القوننة هذة

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.