حاطب ليل || عبداللطيف البوني

اسألوهم!!!

شارك الخبر

(1)
آخر ما نقلته لنا الأسافير أن طبيبة سودانية تعمل في المملكة العربية السعودية قد وقعت في خطأ طبي راح ضحيته طفل حديث الولادة فحكم عليها بالغرامة تسعين ألف ريال وبمجرد صدور الحكم اشتغلت قروبات الأطباء السودانية بالمملكة فتم جمع المبلغ في ساعات معدودة. مثلي مثل أي سوداني لم أشك لحظة في هذا الحدث حتى ولو كان متخيلاً، وقد أعادتني هذه الواقعة الى مطلع ثمانينات القرن الماضي حيث كنت أعمل في جنوب المملكة، ويومها لم تكن هناك وسائط الاتصال الحديثة وفي منطقتنا لا يوجد حتى التلفون العادي وكنا نذهب في العطلة الأسبوعية الى مدينة أبها او خميس مشيط . وذات مرة أخطرنا من نزلنا عندهم أن أحد السودانيين حكم عليه بدية وقد فرض على كل شخص مبلغ محدد وأن المبلغ المفروض علينا قد دفعه فلان ونحن لا نعرف هذا الفلان معرفة شخصية، فأعطينا من يعرفه المبلغ المطلوب كي يوصله هكذا بكل بساطة. المغتربون اليوم لا يكتفون بدعم أسرهم الصغيرة ولا حتى أسرهم الممتدة في حالة الملمات الطارئة إذ أصبحوا الممولين لكل الخدمات من صحة وتعليم ومياه وطرق. حيث تجد أبناء كل قرية او ناحية لهم صندوق لمقابلة متطلبات مناطقهم لابل بل حتى الحاجات الخاصة مثل العمليات الجراحية الكبيرة او الأدوية غالية الثمن.
(2)
طيب يا جماعة الخير طالما أنهم وبأعدادهم الكبيرة هذه، جمل شيل الحالة السودانية الراهنة، فلماذا لا نفكر في تحويل جهدهم هذا من خانة المجتمع الى خانة الدولة؟ بعبارة ثانية يحولون بعضا من هذا البذل والسخاء الى الدولة، بعبارة ثالثة نطلب منهم دعما لخزينة الدولة كي تخرج من عثرتها وتنمو وتنهض وتقوم بكل واجباتها كي يرتاحوا هم من هذا الجهد المبعثر المضني. لا نطلب منهم تبرعا كما يفعلون الآن، بل نطلب منهم وديعة بأرباح او بدون أرباح أو حتى تحويل مبلغ معين عبر البنوك الرسمية مقابل حساب دولاري خاص أو أي شكل من أشكال الدعم المباشر للخزينة العامة بالطريقة التي يعرفها المختصون في إدارة المال والأعمال . الأمر المؤكد أن عدد المغتربين السودانيين قد وصل الى أرقام قياسية وان عدداً كبيراً منهم حالتهم مستورة , دعونا من مدخراتهم أو استثماراتهم الخاصة في الخارج، نريد منهم مبلغا يكون مسترداً في حجم إسهاماتهم الاجتماعية المشار إليها أعلاه وأكاد أجزم أن العشرة أو الخمسة عشر مليار دولار المطلوبة لإنقاذ هذه البلاد يمكن جمعها في رمشة سنة.
(3)
الشغلانة صعبة,, مش؟ لماذا صعبة مع أنهم سخيون وكريمون ومتفانون في حب أهلهم وبلادهم ؟ هل لأن تجاربهم مع الدولة فيما سبق أنهت ثقتهم فيها ؟ هل التحزب والتشرذم السياسي يمنع إجماعهم ؟ هل تعوز البلاد الوسيلة التي تحول هذه الفكرة إلى مشروع ناجح ؟ الأسئلة تترى ولا أحد يملك الإجابة . أحسن تسألوا هؤلاء المغتربين أنفسهم عن نجاعة هذه الفكرة ولكن بشرط اصطحاب أحمد المصطفى في أغنية الوسيم .. من كلمات طه حمدتو:
(اسألوه إذا تبسم ** واتركوه إذا تألم
قلبي حتم أصون وداده**مهما طال صده وعناده).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.