إليكم … الطاهر ساتي

الملامح .. (1)

شارك الخبر

:: ملامح موازنة العام (2020)، حسب عرض وزير المالية إبراهيم البدوي، بحاجة إلى توضيحات .. وعلى سبيل المثال، تحدث البدوي عن مجانية التعليم الأساسي مع توفير الوجبة المدرسية (مجاناً)، ثم مجانية العلاج في المشافي العامة، وهذه من الأحلام التي لن تتحقق خلال عام أو ثلاثة، وأن تحقيقها بحاجة إلى نهضة تشمل كل مناحي الحياة، بما فيها السياسية والاقتصادية، وعلى البدوي أن يكون واقعياً وموضوعياً في تصريحاته، بحيث لا يبدو أمام الشعب كالذين سبقوه ..!!
:: فالذين سبقوه كانوا يقولون ما لا يفعلون.. وطوال الثلاثة عقود، كانوا يتحدثون عن مجانية التعليم و يرفعونها شعاراً، ولكن – في الواقع – كان المواطن فقط هو المنفذ لبرنامج مجانية التعليم إنابة عن سلاطين الكذب.. وما لم يتم تأهيل البنية التحتية للتعليم، وإصلاح ما تم تخريبها، وتوفير كل النواقص بالمدارس، فان الحديث عن مجانية التعليم – في ظل هذا الوضع – مجرد (ونسة)، وعلى البدوي أن يكون حذراً و غير حالم ..!!
:: قبل الوعد بالمجانية، كان على البدوي أن يلتقي بسلطات التعليم العام، ويسألهم عن النواقص بالولايات والمحليات .. قد لا يعلم البدوي أن المحليات هي المسؤولة عن تعليم الأساس في السودان، وأن كل المحليات – إما لضعف الموارد أو لسوء إدارة الموارد – عاجزة عن أداء واجبها (كما يجب)، أي بحيث يتحقق حلم مجانية وإلزامية التعليم على أرض الواقع.. نعم، فالرهان على المحليات – في تحقيق حلم المجانية – رهان خاسر ..!!
:: و لحين إصلاح البنية التحتية للتعليم، وتوفير كل نواقص المدارس، سوف يتواصل إرهاق الأسر بالرسوم المسماة (مساهمة) ..وقد لا يعلم البدوي بأن إدارات المدارس تطلب من أولياء الأمور المساهمة في دعم الخدمات وحوافز المعلمين وغيره من بنود الصرف .. نعم، للتحايل على شعار مجانية التعليم، تبتكر إدارات المدارس صناعة وسائل تحصيل الرسوم المسماة بالمساهمة، أو تدع المدارس كمحض جدران بلا معلمين وبلا كتب..!!
:: ولكي يصبح تعليم الأساس مجاناً أو بأقل التكاليف، يجب إصلاح القوانين بحيث تكون الجهة المسؤولة عن مرحلة الأساس هي كل مستويات الدولة، من المجلسين السيادي والوزراء وحتى لجان المقاومة أو من يُمثل المجتمع..وليس من المنطق أن نرهن أهم مراحل التعليم للمحليات فقط، ثم نحلم بالمجانية، كما يفعل البدوي.. فالكتاب الذي كان يوزع مجاناً لحد الاكتفاء، يباع حالياً كما الأحذية والملابس، فعن أية مجانية يتحدث البدوي ..؟؟
:: وهل تكفي ميزانية التعليم في العام القادم – ولو تضاعفت عما كانت عليها في العام الماضي – لسد نواقص المدارس بكل السودان؟..هناك آلاف المدارس مجرد (رواكيب)، ومئات الآلاف ينقصها الكتاب والمعلم و..و.. ولذلك، ناهيكم عن ميزانية التعليم، بل كل ميزانية الدولة لن تسد نواقص التعليم بحيث يكون مجاناً اعتباراً من (2020).. وبدلاً عن أحلام اليقظة، يجب تحويل ميزانية التعليم إلى تأهيل البنية التحتية للتعليم ( المدرسة والمعلم)، ليصبح مجاناً في المستقبل بإذن الله .. !!
:: وقد تحدث البدوي عن توفير وجبة مجانية للتلاميذ بكل المدارس الحكومية.. نعم، لقد نجح مشروع الغذاء مقابل التعليم بولاية البحر الأحمر، وساهم في تقليل نسب التسرب ..ولكن نخشى على ميزانية الوجبة المجانية من ( تماسيح السوق)، وربما تذهب لمن ليسوا بحاجة إليها..ولذلك، مع تنفيذها في المناطق المتأثرة بالحرب والفقر، اقترح استبدال الوجبة المجانية بـ (كافتريات مدعومة)، تشرف عليها مجالس الآباء ..فالمرحلة الانتقالية مرحلة متاعب يجب أن يتقاسم فيها المجتمع بعض المسؤوليات مع حكومته، لحين تحقيق كل الغايات، بما فيها مجانية التعليم ..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.