حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

عام على الثورة

شارك الخبر

(1)
يحق لنا نحن شعب السودان أن نحتفل بمرور عام على هذه الثورة المجيدة والمتفردة ولعل اول ملامح تفردها انها ابقت على عظم الدولة السودانية حيث انه كانت هناك مخاوف من أن يلحق السودان بدول النسخة الاولى من ثورات الربيع العربي فها هو السودان يطيح بالنظام الذي اورده مورد التهلكة ويبقى واقفا اذ لم تتفرتق البلاد ولم تجر فيها حرب شوارع ولم يصل الدم الاقدام ناهيك عن الركب. نعم هناك دماء شهداء زكية اريقت في سبيل الوصول بالثورة إلى غاياتها مضافة لدماء زكية اريقت قبلها في مسيرة الوطن المتعثرة وهذه الدماء إن شاء الله اصبحت نبراسا وقناديل تنير الطريق وتدفع للمزيد من التضحية من اجل نماء الوطن وحريته.
(2)
مضى العام على الثورة ولدينا حكومة جاءت بالتوافق وهي الآن تؤدي دورها بما لديها من امكانيات وتسعى جاهدة إلى اعادة البلاد إلى الاسرة الدولية في عالم متشابك لا يمكن لدولة بمفردها أن تتخذ طريقا خاصا بها. نعم هناك تعثر في اداء الحكومة ولكن هذا مقدور عليه بشيء من الجرح والتعديل في مكوناتها كما انه لدينا معارضة تسعى جاهدة لاسقاط الحكومة القائمة ولكن اذا سألناها ماذا تريد أن تقدم؟ فسوف تقف عاجزة، عليه يصبح الطريق ممهدا للحكومة القائمة أن تمضي للامام وتسمح للاصوات المعارضة أن ترتفع كما تشاء لان الصوت الآخر سوف يجود اداء الحكومة ويعصمها من الطغيان وسوف ترتكب الحكومة غلطة العمر اذا سعت إلى تصفية هذا الصوت لانه في هذه الحالة سوف تعطيه مشروعية العمل ضدها بكافة الوسائل من اجل البقاء فالبقاء على وش الدنيا اقوى حافز للمقاومة الهدامة.
(3)
مضى عام وقد امضيناه في نقاش كثير من الاجندة وهذا شيء طبيعي، ففي حالة نجاح اي ثورة تبسط كافة الأجندة التي ثار الناس من اجلها وهنا تثور مسألة ترتيب هذه الاجندة فالبعض يرى الاولوية يجب أن تذهب للسلام وآخرون يرون الاولوية يجب أن تكون للقصاص لدماء الشهداء والبعض يرى البداية بمكافحة الفساد والبعض يقدم الازمة الاقتصادية والبعض يقدم إصلاح العلاقات الخارجية وهكذا تتزاحم الاجندات وكان يمكن أن تمضي كل هذه البنود بالتوازي ولكن ضيق النفس الثوري وانانية البعض يفرض على الحكومة شيئا من الترتيب. الحكومة من جانبها قدمت السلام والعلاقات الخارجية ولكن كلا الامرين لا تملك اوراقه بالكامل فالسلام يتوقف على ارادة الطرف الآخر الممسك بالسلاح وإصلاح العلاقات الخارجية يتوقف على ارادة الدول الاخرى خاصة (ست القائمة) وهذا بدوره ادى الى أن (تتطاقش) الاجندات الداخلية وحتى هذه لا تخلو من الخارج الماكر. ومن هنا جاء التعثر في المسير.
(4)
مضى عام على الثورة ورغم رهق المسير لتردي الواقع الموروث ومكر الخارج اللئيم الا أن الثورة تمضي للامام والتمسك بها ما زال في اعلى مراحله والوعي بها كل يوم يزداد ففي هذه الايام بل في اليوم العلينا دا يحتدم النقاش حول اول ميزانية لحكومة الثورة والخلاف حول رفع الدعم عن المحروقات والقمح اصبح موضوع الساعة بغض النظر عن الصيغة التي سوف تطبق بها الميزانية الا انه في تقديري أن مجرد نقاش الميزانية خطوة للامام وان جاءت متأخرة اذ كان ينبغي أن يوضع بند الهم الاقتصادي في المقدمة وها هو يفرض نفسه عبر الميزانية وخليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.