إليكم …الطاهر ساتي

وهناك آخرون ..!!

شارك الخبر

:: رغم هيبتها، قاعات المحاكم لا تخلو من الطرائف..وقبل سنوات، ضبطت الشرطة دجالاً يستخدم قزماً في أعمال الدجل..وكانت مهمة القزم – البعيو – أن يبقى قابعاً في الظلام، ثم يصدر صوتاً يُوحي للضحية بأنه ( جن مسلم)..وعند المحاكمة، وبعد أن عرض المتحري الوقائع وإعترافات ( الدجال والبعيو)، سأله القاضي، وكان مولانا محمد سر الختم، مداعباً : ( البعيو دا متهم ولا معروضات؟)، فصاح البعيو متوسلاً : (متهم يا مولانا، كيفن أكون معروضات؟، إنت بي صحك؟)، فضجت القاعة بالضحك ..!!
:: فالبعيو كان يعلم أن المحاكم تحكم على معروضات وأدوات الجريمة بالإبادة، ولكي لا يُباد صاح متوجساً.. وكثيرة هي الجرائم التي ترتكبها الأنظمة الباطشة في حق الشعوب، لتكتفي المحاكم بالحكم على أدوات ومعرضات الجرائم بالإعدام والسجن ، أي تكتفي بإبادتها، مع غض الطرف عن الجاني الحقيقي (النهج الحاكم).. والوصف الدقيق لما حدث بالأمس هو ( انها إدانة لأدوات ومعروضات جريمة تعذيب وقتل، ثم الحكم على تلك الأدوات والمعروضات بالإبادة، بيد أن الجاني الحقيقي كان نهجاً حاكماً).. !!
:: المهم ..الحمد لله، لقد حكمت المحكمة بإعدام – شنقاً حتى الموت – على بعض المدانيين في قضية الشهيد أحمد الخير ( 29 )، وسجن آخرين ( 2)، وتبرئة البقية (7).. إنها دولة القانون، وبفضل الله لولا الثورة لما كانت هذه الدولة، ولما رفع جهاز الأمن والمخابرات الوطني الحصانة عن هؤلاء المُدانين، بل لمارس نهج حماية القتلة، أو كما كانوا يفعلون .. الرحمة والمغفرة لأحمد الخير، ولأسرته الصبر والسلوان، و يبقى حُكم القصاص والسجن على المُدانين حُكماً عادلاً ..!!
:: ولهم الرحمة بإذن الله، كل ضحايا النظام المخلوع، ولأسرهم الصبر و السلوان، فالفقد مؤلم .. نعم، ليس فقط الشهيد أحمد الخير، بل كل شهداء النظام المخلوع يجب أن يظلوا في خاطر الناس وذاكرة الحياة حين تتحدث السلطات عن العدالة، وذلك حتى لا تصبح العدالة (انتقائية)، بحيث تقتص لشهيد وتتجاهل أمر آلاف الشهداء .. وفي مثل هذا اليوم، مع هتاف( يحيا العدل) ، فمن العدل أيضاً أن نسأل السلطات عن مصائر المتهمين بقتل آلاف الشهداء ..!!
:: في الخاطر، بعد أحداث سبتمبر الشهيرة، كتبت الصحف عن أغرب ما تم اكتشافه في بلادنا نقلاً عن من كانوا يلقبونهم بالمسؤولين .. (هناك عربات بدون لوحات كانت تضرب في الذخيرة)، رئيس لجنة التحقيق في أحداث سبتمبر، مُجيباً على السؤال : من قتل شهداء أحداث سبتمبر؟.. والمؤسف، بعد دفن الشهداء، تم تدوين البلاغ ثم إغلاق القضية تحت مادة الوفاة لأسباب مجهولة، ولا تزال الأسر تبكي دماً ودموعاً بحثاً عن القتلة ..!!
:: وهناك شهداء دارفور و سبتمبر وكجبار وبورتسودان و رمضان و ساحة الاعتصام و غيرهم .. لهم الرحمة والمغفرة .. كلهم – كما الشهيد أحمد الخير – ماتوا بالتعذيب أو بالرصاص.. و سواسية أسرهم، مع أسرة الشهيد أحمد الخير، أمام أبواب العدالة .. و كما ذكرت قبل أشهر، من الخطأ أن ينام الثائر مطمئناً بمظان أنها (سقطت) .. ولن تسقط ما لم نرفض نهج (عفا الله عما سلف)، وذلك بأن يُساق المتهمون في جرائم النفس والمال إلى قاعات العدالة.. !!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.