إليكم … الطاهر ساتي

الملامح ..(3)

شارك الخبر

:: كما وعد بمجانية التعليم والعلاج، أيضاً وعد وزير المالية إبراهيم البدوي الشعب بتوفير فرص عمل للشباب والخريجين في موازنة العام (2020)، و قد حدد عدد الوظائف ب ( 250.000 وظيفة)، و هذا الوعد أيضاً بحاجة إلى توضيح، لكي لا يبدو البدوي أمام الشعب كما الذين سبقوه، بحيث كانوا يقولون ما لا يفعلون .. لم يُحدد البدوي إن كانت هذه الوظائف المرتقبة بمؤسسات الدولة وخدمتها المدنية أم هي بالقطاع الخاص و شركات المجتمع ..؟
:: و للبدوي نحكي (نُكتة) .. تم تنظيم سباق للتجديف بين المنتخبين السوداني والياباني..وكان بكل قارب خمسة أشخاص.. وانطلق السباق، فانْتصر الفريق الياباني..وعند تحليل الأسباب، كشف المحلل أن قارب المنتخب الياباني يتكون من مدير القارب وأربعة مجدفين، بيد أن قارب السودان كان يحمل على متنه السادة: وكيل أول القارب، وكيل القارب، مدير القارب، مساعد مدير القارب، ثم مجدِّف واحد فقط لا غير.. ولاحقاً، تم تشكيل لجنة لمعرفة أسباب الخسارة، فحققت اللجنة ثم أوصت بهيكلة القارب، بحيث تم فصل (المجدف)..!!
:: وهكذا حال مؤسسات الدولة طوال عهد النظام المخلوع.. ترهلٌ بلا انجاز، وتكدسٌ بلا إنتاج، وزحامٌ من أجل مزايا الوظيفة، وليس لخدمة الناس والبلد.. والمدهش، عندما يفكرون في هيكلة مرفق مترهِّل، كانوا يُشرِّدون الكفاءة المنتجة أولاً، ثم يفتحون فرصَ التوظيف – بنهج التمكين – لترهُّلٍ آخر في ذات المرفق، فيتكدس الكسالى و عديمو الكفاءة والموهبة.. ولعلكم تذكرون، قبل الثورة بثلاث سنوات، بضغطٍ من اتحاد عمال السودان، وبلا دراسة لآثاره، وبلا أي معايير تصطحب التعداد السكاني ونسبة الشباب، تم رفع سن المعاش إلى (65 عاماً)..!!
:: وبعد أشهر من هذا القرار الكارثي، أعلنت مفوضية الاختيار للخدمة المدنية عن تكدُّسٍ آخر وترهُّلٍ جديد، وذلك بتخصيص أكثر من (6.000 وظيفة)، لاستيعاب الخريجين بالوزارات والمؤسسات، وأكملت اللجان من تهيئة (24.000 وظيفة)، بالولايات..هكذا ما حدث بعد قرار رفع سن المعاش مباشرة، وكان يبدو خبراً مفرحاً لقصار النظر والفهم، ولكنه لم يكن كذلك، بل كان خطأ فادحاً.. لماذا كل هذه الوظائف بالخدمة العامة؟، وهل المواطن – صاحب الخدمة – بحاجة إليها؟، وهل هي وظائف للإنتاج والخدمات، أم فقط للتمكين والكفالة..؟؟
:: والإجابة لم تكن بحاجة إلى كثير تفكير، بل قالها الأمين العام للمفوضية : (نحرص على استيعاب أكبر عدد من الخريجين بالخدمة المدنية، بغرض توفير فرص العمل وتقليل البطالة بالسودان).. تلك هي الغاية العظمى من وظائف الخدمة المدنية.. استيعاب أكبر عدد من الشباب لتقليل البطالة، وليس لحاجة خدمات الناس إلى (أكبر عدد من العاملين).. سياسة تحويل الخدمة المدنية إلى حواضن للتمكين وديوان زكاة – صرفٌ بلا إنتاج أو خدمة – لم تخدم النظام المخلوع ولم تُثبت أركان حكمه، وعلى الوزير البدوي عدم التمادي في هذا الخطأ الفادح ..!!
:: الدولة المعاصرة هي التي تكتفي حكومتها فقط بالدورين (الرقابي والإشرافي)، ثم تفسح مواقع الإنتاج والخدمات لشركات القطاع الخاص، لتنتج هذه الشركات و تخدم المجتمع وتنهض بالبلد.. ومن المؤسف للغاية أن وزير المالية لم يزر حتى الآن مشروعاً من مشاريع القطاع الخاص، ولم يُبادر بجمع المستثمرين ويسمع منهم متاعب الاستثمار، ولم .. ولم .. و..هو يحب السفر إلى الخارج، لأنه يُراهن على منح و هبات من يُسميهم بالأصدقاء وقروضهم، ربما لا يعلم أن (الشراب من يدين الرجال عطش) ..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.