حسين الخليفة الحسن

يحيا العدل! Justice..

تحكي الذاكرة.. أن أحد الولاة طلب من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز “رضي الله عنه”حفنة من مال لتسوير المدينة منعا للصوص. رد عليه أمير المؤمنين بثقة واطمئنان قائلا: “حصنها بالتقوى،وسورها بالعدل.”تمعن معي قارئي الحصيف في هذه الحكمة البليغة التي تحكي لنا كيف وضع لنا سلفنا الصالح اللبنات الاولى لبسط ثقافة العدل. وهذا كان نهج سيدنا عمر بن الخطاب “رضي الله عنه”، حتى أطلق عليه الحاكم العادل. ان المجتمع السوداني عرف لسائر الأمم بالنزاهة، الطهر، النقاء ومكارم الأخلاق. فمن هذا المعين العذب نهل رجال القضاء بالسودان بشقيه الجالس والواقف،حتى صاروا نجوما ساطعة في سماء الوطن الحبيب، ورفعوا راية العدالة عالية خفاقة.
وفي ليلة البارحة، وكأنها تلهث من تثاؤب فاتر، آويت الى مضجعي المتواضع، وقبل ان يداعبني نعاس ناعم مباغت، بدأت أناملي الباحثة تقلب صفحات ذاكرة تأريخ القضاء السوداني، لمح بصري المرهق لوحة شرف ذهبية زاهية تحمل في أحشائها اسماء عقد نضيد من عباقرة ، أفذاذ وشوامخ رجال القضاء السوداني الجالس والواقف ويزين هذه الكوكبة نفر منهم تبوأ رئاسة القضاء السوداني ، أسعد والفخر يملأ جوانحي ان أذكر منهم ما جادت به الذاكرة، فهم “المولانات”:::محمد احمد ابو رنات، بابكر عوض الله،عثمان الطيب، جلال علي لطفي،دفع الله الحاج يوسف،خلف الله الرشيد،صلاح حسن عبد الرحمن. وآخرون صعدوا الى قمة هرم الجهاز العدلي منهم “المحامون”: محمد احمد المحجوب،احمد خير،مبارك زروق.”والقضاة”: يحيى عمران،عبد العزيز شدو، هاشم محمد ابو القاسم، عبد الرحمن عبده وعبد المجيد امام. وغيرهم كثر غيبتهم الذاكرة.فمعذرة.
فهاهو مولانا المتألق الصادق عبد الرحمن الفكي”قاضي محكمة قتلة الشهيد الاستاذ احمد الخير عطر الله مثواه.”. يقتفي اثر سلفه الصالح من عظماء وفقهاء الجهاز القضائي السوداني، حتى ارتوى من معينهم الثر، فسمق نجمه، وعلا صوته وملأ اسمه الآفاق.كما رفع اسم السودان عاليا شامخا وهو يدير بحكمة نادرة ومهنية عالية،،،High professionalism ، جلسات محكمة.ذات صبغة تاريخية مرجعية توثيقية،،،documentary أكد خلالها سلامة ، هيبة ووقار القضاء السوداني والذي ،مازال معدنه أصيلا لا يصدأ.
أذهلني بل هز مشاعري ذلك الموج البشري الذي جاء من شتى بقاع الوطن ليشاهد بأم العين عدالة القضاء السوداني، وحناجرهم الملتهبة الثائرة تدوي فرحة مسرورة عقب النطق بالحكم مرددة:”يحيا العدل…Long llive ” justice”. مشهد أثلج صدري وأفرح وجداني. أليست هذه المحاكمة انموذجا ومثالا يحتذى لسحر وبهاء القضاء السوداني؟ أليست هذه المحاكمة تعتبر كنزا تأريخيا، مرجعيا توثيقيا سيحظى بمساحة رحبة بذاكرة القضاء السوداني؟ أليست هذه المحاكمة محل فخر واعتزاز لوطننا الغالي؟ أليست هذه المحاكمة إدانة فاضحة لعهد بائد ؟
وتضاعفت دهشتي وبصري يلمح ذلك الوهج الانساني يتدفق،والسخاء السوداني الفطري واليد البيضاء مدت لذلك الحشد مبللة بدموع الفرح : كرما، ضيافة،طعاما،مأوى،من مواطني أحياء العباسية،الموردة ،ود نوباوي وأحياء اخرى. وهل تعلم قارئي المتابع ان دهاليز ديوان الهاشماب العتيق قد فاض بالضيوف.؟ شكرا لكرمكم الباذخ لا غرابة فأنتم أبناء السودان…وشكرا لقضاة بلادي النجباء.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.