د. عبداللطيف البوني – حاطب ليل

الشوت ضفاري
(1)
بعد السلام عليكم عزيزي القارئ، دعنا نتضرع جميعا للمولى عز وجل بأن يحفظ بلادنا وأهلها من المخاطر والمدلهمات التي تحيط بها والنابعة من شرور أعمالنا وتربص المتربصين بنا,,, ففي غيابنا القسري دارت عجلة التشرذم والتخبط والتآمر ببلادنا بأسرع مما كنا نتصور، فهذه الخمسة أسابيع من توقف هذه الصحيفة إلى يوم الناس هذا (7 يناير-15 فبراير)، شهدت بلادنا أحداثا جساما هزتها هزا ورجتها رجا وأفقدتها توازنها وجعلت الجميع مشدوهين فاقدي الإرادة ينتظرون توالي المفاجآت، إذ وقعت أحداث لم تكن في الحسبان، ولم تنتج من تطور طبيعي للأحداث، بل قفزات في المجهول.
(2)
لا نود التوقف اليوم على الأزمات المعيشية المتلاحقة من صفوف الوقود التي تلاقت مع صفوف الخبز، ولا الجنيه السوداني الذي في طريقه للخروج من العناية المكثفة إلى أحمد شرفي حيث ينتظره درمة، ولا الانفراط الأمني في كثير من مدن البلاد، ولا المسيرات فاقدة السند والهدف التي تسد الطرقات وتزيد تأزيم المواصلات، ولا الوقفات الاحتجاجية والإضرابات بمناسبة وبدون مناسبة، ولا مشاكسات وتباينات (ق ح ت) التي كادت تمزق الحاضنة السياسية للحكومة التي هي أصلا في حالة لا تحسد عليها، ولا المعارضة الفاجرة في معارضتها التي لا تفرق بين الوطن والنظام الحاكم، ولا التمكين المضاد، فمصيبتنا في هذه البلاد أن الحكام الجدد أخذوا الراية من الحكام القدامى وعردوا على نفس طريقهم، والمعارضين الجدد استلموا الراية من المعارضين القدامى وساروا على نفس طريقهم, إنها خلطة عجيبة بين لعبة المبادلة ولعبة شد الحبل في نفس الوقت، والميدان هو هذا الوطن الجريح.
(3)
ما ذكرناه أعلاه من تردٍ وقبح وسوء في المظهر السياسي، أمر ظللنا نعيشه منذ سنوات، وهو السبب في ثورة ديسمبر المجيدة، وكان المأمول أن تكون حكومة الثورة بمكونيها المدني والعسكري على قدر التحدي، ونحن لا نطالبها بما فوق طاقتها، كأن توقف هذا التدهور بين يوم وليلة، بل كان كل المطلوب إبطاء معدلات التدهور، ولكن للأسف ازدادت سرعته وعلت كتاحته والحال هكذا يئس الحكام الجدد من العلاج الداخلي وفقدوا الثقة في الذات فيمموا شطر الخارج المتربص أصلا بالبلاد، وبانفرادات شخصية على الأقل في ظاهرها، فجاء البرهان من الآخر وصوب نظره نحو تل أبيب. وصوب حمدوك وجهته نحو نيويورك، والتعايشي نحو لاهاي (أبو الزفت)، وهكذا شات كل واحد منهم في اتجاه دون مشورة حكومية مؤسسية، ودون استشارة لأهل الرأي والمعرفة ودون اكتراث بالرأي العام، نحن هنا لسنا بضد أو مع أي من هذه (الشوتات الضفارية) المفاجئة، ولسنا مقللين للبعد الخارجي في الأزمة السودانية، ولسنا مفتشين للنوايا، ولكننا ننعى على الجميع عدم المؤسسية وإهمال مقدرات هذا الشعب، وتعريض مواقف البلاد للازدراء والبيع الرخيص، وبالتالي تهديد سلامة الوطن ووضعه في كف عفريت, فخليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.