لأجل الكلمة…لينا يعقوب

مؤسسات بلا أمان

إن خُيِّرَ مواطن، بين الالتحاق بوزارة أو مؤسسة حكومية فإنه سيستبعد ثلاثاً ويقبل البقية.
لن يختار “الجيش، الشرطة، الأمن” لأنها مؤسسات بلا أمان وظيفي ستستغني عنه في أي لحظة.
إن تركنا جانباً التشويه الحقيقي الذي لحق بهذه الجهات، من تمكين أهل “الجبهة الإسلامية” والمنتمين للمؤتمر الوطني والنفعيين، أو الممارسات الضارة واللا إنسانية التي ارتكبها أفراد من جهاز الأمن، فهناك جوانب أخرى مُظلمة أن هذه المؤسسات على استعداد تام بأن تستغني عن أي ضابط – صالح – في أي رتبة دون أسباب موضوعية، إنما بالمزاج والولاء و”القوالات”..!
يقضي أحدهم عز شبابه في مناطق المعارك والعمليات والحدود إلى أن يشتد عوده، وإن عاد إلى الرئاسة في الخرطوم أو الولاية، ولمع نجمه وبرز جهده، غادر مع أول كشف..!
وهذه القوائم لا تقتصر على رتبة “فريق” أو “لواء”، حال لم يجدوا له مكاناً شاغراً أحالوه إلى المعاش، أو لأنه خالف النظم واللوائح، أو لأنه غير مهني ترقى عن طريق “القفز”، إنما لأنه لم يعد مرغوباً فيه ممن هو أعلى منه رتبة.
تصرف الدولة أموالاً طائلة في تأهيل وتدريب بعض الضباط وابتعاثهم إلى الخارج، كان بعضهم من النظام المخلوع الذي حاول أن يُحسن مستواهم العملي والأكاديمي وآخرون بلا انتماء، هم الأذكياء والمرجو منهم، لكن القوائم لا تُفرق بين عدوٍ وصديق..!
أي وزير أو مدير يترأس أيَّا من المؤسسات النظامية يأتي بـ”لستة” المقربين والمُترقين، والمُبعدين والمفصولين، ومع مرور الوقت تمتلأ هاتين القائمتين بالأسماء، فيضيع المكان ويفتقد الأمان، فتضعف رغبة العمل وتنتشر المخاوف والهواجس، “هل إن فعلنا ذلك سنستمر في عملنا أم تتم إقالتنا”..؟
وكل هذا، لا علاقة له البتة، بسلوك الضابط أو النظامي مع أفراد المجتمع، أو استخدامه قوة في غير موضعها، إنما تنحصر في “السيستم الداخلي”.
وللأسف، قوانين هذه الأجهزة “سيئة”، تتيح لمن هو أعلى رتبة، أن يوبخ ويفصل وينقُل ويُبعِد من يشاء، بحجة “العسكرية”..!
الضبط والحسم والمساءلة ليست في الجيش والشرطة والأمن فقط، هو سلوك وإجراء يجب أن يتسيد كافة مؤسسات الدولة، لكن بالتزامن مع الضبط، هناك روح التسامح والرحمة وإيجاد العذر للمخطئ.
هل هذه الكشوفات كانت لمن عرف عنهم الانتماء أو الولاء للنظام المخلوع؟ وهل تشمل من خالف لوائح القوات المسلحة والشرطة والأمن..؟ أم أنها خضعت لمعايير مُختلة، وأهواء البعض؟
طالما أن المكون العسكري اختار هيكلة القوات النظامية، فمتى ستُعدل هذه القوانين ليُحاسَب الضابط بلا حصانة إن أخطأ، وتضمن له المؤسسة الأمان الوظيفي بدلاً من فصله وهو في رتبة مقدم ورائد وعقيد..؟!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.