(ما قلنا ليكم)

لم يكن مقنعاً بالنسبة لي ولا لكثيرين، الاشارات والاتهامات المبكرة، للنظام السابق، بالتورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء، الدكتور عبد الله حمدوك، صباح أمس الأول الاثنين، فالواجب المهني والأخلاقي والموضوعي يفرض على الحكومة والتحالف الحاكم انتظار نتائج التحقيق الشفاف، الذي يكشف الحقائق الساطعة، ويحدد بصورة قاطعة المسئولية، وهل هى مجرد عمل فردي؟ ام جريمة مؤسسة، أشرف عليها تنظيم أو مجموعة بعينها.

وقبل أن يكتمل التحقيق تصبح أية تخمينات أو تكهنات مجروحة وغير قابلة للتصديق، وربما تقرأ في سياق الصراع السياسي، أو تعد مؤشر على رغبة في تكرار أساليب النظام القديم، الذي تفنن في استغلال مثل هكذا حوادث ضد خصومه، قبل أن تنجلي حقائقها.
بالمقابل، من حق المؤتمر الوطني المحظور الرد على تلك الإشارات الاتهامية، ومن حقه كذلك تقييم الحادثة كمسرحية ومحاولة لإحياء شعبية تحالف قوى الحرية والتغيير أو غيرها من الخزعبلات التي روج لها أنصار الحزب، ولكن ما لم يكن مقبولاً، هو محاولات الحزب المحلول، عبر رئيسه المكلف بروفيسور ابراهيم غندور الاصطياد في الماء العكر، وذلك عبر بيان أصدره بعد الحادثة، كشف فيه حجم النوايا الخبيثة التي يضمرها الحزب تجاه ما حدث من تغيير جرى في البلاد جعله على الهامش.
أسطر إدانة خجولة من غندور للحادثة سأل رب العباد أن يسلم البلاد من الفوضى ومستنقع الفتن، ولا أدري على أي أساس افترض وجود مخاطر فوضى ومستنقع فتن؟وهل وقوع مثل هكذا واقع و يمكن أن تكون مدخلا للفوضى، علما بأن أي دولة قوية أو ضعيفة صغيرة أو كبيرة ليست بمنجاة منه، والقاعدة، الأمنية الأساسية، انك لن تستطيع منع وقوع جريمة، لكن بإمكانك أن لا تدع مجرما يفلت من العقاب.

في مواصلته للصيد في الماء العكر قال غندور إن على الحكومة مجتمعة تحمل مسؤوليتها في بسط الأمن ومنع البلد من الانحدار الى الفوضى في ظل الضائقة الاقتصادية وتردي الخدمات الذي تشهده البلاد، وهنا يتزاكى طبيب الأسنان علينا محاولا الربط بين الضائقة المعيشية الحاصلة والانحدار للفوضى و لو كان ذلك تقديرا صحيحا في الحالة السودانية، لتدفقت انهار من الدماء، ولعمت التصفيات الجسدية والاغتيالات البلاد منذ سنوات حكم المؤتمر الوطني وفيها ابتدأت وتفاقمت الضائقة المعيشية خصوصا بعد استباح موارد البلاد فساداً وأفسادا، وللأسف الشديد لم يمتلك ابراهيم غندور الشجاعة الكافية حتى الآن ليقر بأن حزبه يتحمل وحده مسئولية تلك الضائقة والتردي في الخدمات، ولن يمتلك تلك الشجاعة لانه وببساطة شديدة، تربيته الحزبية علمته عدم الاعتراف بالأخطاء ومنحته (قوة عين) لامثيل لها في التهرب من المسئولية وتحميلها الآخرين .
في بيانه كذلك، طالب ابراهيم غندور من الجهات المختصة التعجيل بالكشف عن خيوط ما اعتبرها مؤامرة تريد جر السودان الى مستنقع الدماء والفتن، وانا هنا ليس من حقي أن أحكم على نوايا الرجل، لكن لن اتتردد في القول إن دخول البلاد في مستنقع الدماء هو غاية آمال وأحلام أنصار المؤتمر الوطني، تلك الفزاعة التي استخدموها بقوة لإجهاض الحراك الثوري، لكنها فشلت، وتمت احالتهم لمزبلة التاريخ، ولاشك أنهم في انتظار يوم يذكروننا فيه بعبارة(ما قلنا ليكم)

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.