إذا هرب الخفير

في الأخبار أمس الثلاثاء أن جهاز المخابرات الوطني تمكن من ضبط خفير في مدرسة ثانوية، يعمل مع آخرين في تهريب الذهب من الخرطوم إلى بورتسودان ومنها إلى خارج السودان،وهو إنجاز للجهاز لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل منه، ويجب أن يشجع الجهاز في نسخة ما بعد الثورة على المضي قدماً في تلك المهمة وكل المهام المرتبطة بمحاربة جرائم التدمير الممنهج للاقتصاد السوداني، خاصة مورد الذهب الذي إن تمكنا من الحد من تهريبه سيسد ذلك الفجوة العميقة في الإيرادات من النقد الأجنبي.

لكن يجب على الجهاز أن لا يعمل بمنهج إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق الشريف تركوه، فعمليات تهريب الذهب أكبر وأوسع وأعقد من شبكة يديرها خفير مدرسة،فهي عصابة سرطانية متغلغلة في جسد الدولة وهياكلها التنفيذية وهناك رؤوس كبيرة متورطة فيها،ومن المؤكد أن تلك الرؤوس فقدت الحماية السياسية والقانونية التي كان يوفرها لها النظام البائد ويفتح لها طرق التهريب حتى عبر مطار الخرطوم الدولي والمعابر الأخرى، وكانت تستخدم في العملية التهريبية حتى سيارات الحكومة بما في ذلك سيارات الدستوريين،وقد يكون جهاز المخابرات أعلم من غيره بأوكار وأساليب وطرق عصابات تهريب الذهب من غيره من المؤسسات ،وما عليه إلا أن ينشط عمله ويفعل أدواته لإنجاز مزيد من عمليات ضبط اكبر من حيث القيمة ومن حيث المجرمين،فبعد الخفير نريد إيقاف المدير.

إذا كان النظام البائد قد عمد لتسخير جهاز الأمن والمخابرات لصالح تثبيت أركان النظام والتنكيل بالمعارضين السياسيين ومصادرة الحريات العامة وانتهاك الحقوق الأساسية وغض الطرف عن فساد عناصر المؤتمر الوطني فإن الفرصة متاحة الآن لجهاز المخابرات الوطني لأن يعكس الصورة تماماً بالتركيز على الأمن القومي ببعده الأشمل والذي يعد الأمن الاقتصادي أبرز محدد من محدداته الرئيسية،وهي فرصة كذلك لأن يعدل الجهاز بعد هيكلته الكلية من صورة ارتسمت في خيال الجميع لعقود طويلة..صورة الكبت والإرهاب الذي مارس على الضعفاء.

بقى علينا القول للذين يقللون من مهمة جمع المعلومات وتحليلها بأنها مهمة عظيمة وحيوية وأساسية في عملية الأمن الداخلي والخارجي، ولا توازي بأي حال من الأحوال مهمة الاعتقال والتحري، وكل ميسر لما خلق له.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.