حظر التجوال.. التحسب للأسوأ

الخرطوم: إيمان كمال الدين

جاز مجلس الأمن والدفاع في السودان عقب اجتماع التأم أمس الأول حزمة من القرارات والإجراءات التي وصفت بالاحترازية، فمع إجازة المجلس لخطة وزارة الصحة الاتحادية باتخاذ تدابير احترازية وفق المستوى الثاني، وفق ذلك تم فرض حظر التجوال الجزئي بالبلاد من الساعة الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحاً، إلى جانب إغلاق جزئي لبعض الأسواق ومناطق الازدحام وإيقاف الرحلات السفرية الداخلية بعد مهلة 72 ساعة.. لتنطلق جملة من الاستفهامات حيال الفائدة المرجوة من القرار.

تفاصيل القرار
فرض حظر التجوال الجزئي تم عقب الاستماع لتقرير مفصل من اللجنة العُليا للطوارئ الصحية بالبلاد حول التدابير الوقائية لمنع انتشار جائحة كورونا بالبلاد، وحول ذلك قال وزير الصحة د. أكرم علي التوم في تصريحات صحفية إن قرار حظر التجوال تم بناءً على دراسة إمكانات البلاد المتواضعة حتى تستطيع الحكومة السيطرة على الأوضاع قبل وقوع الكارثة، مشيرًا إلى أنهُ ستتم متابعة الوضع الراهن خلال أسبوع من قرار حظر التجوال لمعرفة النتائج، وأضاف: قرار إغلاق الحدود والمعابر الحدودية يأتي بوصفه اجراءً صحياً ضرورياً خاصة بعد تسجيل إصابات في المحيط الجغرافي.
وأوصت وزارة الصحة في اجتماع اللجنة العُليا للطوارئ وإدارة أزمة كورونا أمس الأول برفع درجة الاستعداد بالبلاد تجنبًا للأسوأ وحتى لا تحدث مفأجآت يُمكن أن تُربك خطط اللجنة.

إجراءات وقائية
مدير إدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم د.خالد عثمان قال في حديثه لـ(السوداني): إن النقطة الفاعلة في مكافحة الوباء هي التوعية والغرض الأساسي من فرض حظر التجوال هو الالتزام بإجراءات الوقاية، مشيرًا إلى أن الإجراءات الصحية بسيطة وواضحة، لكن لوحظ عدم تفاعل المواطنين معها وممارسة حياتهم الطبيعية والتجمع لأوقات متأخرة، مما تطلب إجراءات إضافية لإجبارهم على الالتزام بالإجراءات الصحية، مشيرًا إلى أنهُ إذا دخلت أيّ حالة وانتشرت في إحدى البؤر فإن الوضع سيكون صعبًا، وأضاف: هناك دول لديها إمكانات كبيرة تأخرت في الإجراءات دفعت الثمن غاليًا، وباتت السيطرة أصعب وثمنها أكبر، لافتًا إلى أن السودان هنا يحاول الاستفادة من التجارب والتطبيق في وقتٍ مبكر، معتبرًا أن الاستعدادات مهما بلغت لا تضمن المُحاصرة.

فائدة القرار
ويذهب خالد إلى أن لحظر التجوال فوائد إذ يوفر الإمكانات لمكافحة المرض كما أن بقاء المواطن في الخارج مُكلف، إلى جانب منع التجمعات، مشيرًا إلى أن القرار لم يتم التوصل إليه إلا بعد قراءة الوضع، مشيراً إلى أن ثمة قرارات أخرى ستلي حظر التجوال في مراحل أُخرى واستهداف للمواطن خلال الفترات النهارية وتعزيز حملات التوعية، وأضاف: إذا استمر عدم الالتزام ستتوالى القرارات.

حظر التجوال
القانوني معز حضرة يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أنه يجوز للسلطات إعلان حظر التجوال وتقييد حركة الأفراد وفقًا لإعلان حالة الطوارئ أو لظروف أمنية أو صحية، مشيرًا إلى أن الوضع بالنسبة لكورونا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية باتت جائحة وليست وباء، وأن الجائحة أكبر من الوباء، وأضاف: وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة والانتشار الكثيف فقرار حظر التجوال أتى متأخرًا، مشيرًا إلى أن الحركة في المساء قليلة ولا توجد بها أضرار كبيرة وأنهُ لولا الظروف الإنسانية كان يُمكن زيادة ساعات حظر التجوال لتمتد للفترات النهارية لكنها ترتبط بموازنة حاجات المواطنين المعيشية.
وحول الفائدة من حظر التجوال يرى حضرة، أن هناك ضعفًا في ثقافة السودانيين في التعامل مع الوباء فلا توجد لديهم حساسية في التعامل وهناك استهتار واستهانة مشيرًا إلى أن الأرقام الكبيرة المتزايدة لعدد المصابين بالأمراض تقتضي ابتعاد أيّ شخص عن الآخر، مشيرًا إلى أنهُ قرار سليم وبمثابة توجيه للشعب لتوخي الاحتياط.
ويذهب حضرة إلى أنهُ يتوجب على السلطات زيادة ساعات الحظر إذا استمرت أعداد المرضى في الزيادة، مشيرًا إلى أن السودان ورث نظامًا صحيًا منهارًا والقرار يهدف إلى المحافظة على روح الإنسان وصحته، وأضاف: دول العالم أغلقت المطاعم والمقاهي وما يزال بعض السودانيين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ليلًا ونهارًا ولأسباب اقتصادية لا تستطيع الدولة اتخاذ قرارات مثل إغلاق المطاعم والمقاهي، إلا أن حظر التجوال تنبيه لما هو قادم ومنع لفئة الشباب من التواجد الكثيف ليلًا وفي التجمعات.

توقيت الحظر
المحلل السياسي الحاج حمد اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أن توقيت الحظر مناسب نسبةً لأن ما يقارب الـ 68% من السودانيين موجودون في سوق العمالة “أيّ القطاع غير المنظم”، من الباعة المتجولين وصغار المنتجين يعملون بالنهار إلا أن الوضع الاقتصادي المتردي لا يسمح بتقديم مساعدات لهؤلاء حال تم تطبيق فرض حظر التجوال نهارًا.
ويرى الحاج أن القرار يتناسب مع وضع السودان وطبيعة عمل السودانيين وهي رسالة وتنبيه حاليًا للسودانيين، مُعتبرًا أن الوقاية خير من العلاج وإن كانت إفريقيا حاليًا الأبطأ نسبيًا والأقل من حيثُ الإصابات من أيّ مكان آخر إلا أن ذلك لا يعني أنهم لن يصابوا بالمرض، وأضاف: تقييد حركة المواطنين يعمل على تقليل الإصابة وتُعطي في ذات الوقت فرصة للكوادر الصحية بالعمل، مشيرًا إلى أن هناك التزاماً ذاتياً إلى حدٍ ما من قبل بعض المواطنين.

لجان الأمن
ولتطبيق القرار والوقوف على تنفيذه وجه مجلس الأمن والدفاع بتكوين غُرفة أمنية مشتركة للإسهام مع جهود اللجنة العُليا للطوارئ الصحية ولتنفيذ مخرجات مجلس الأمن والدفاع.
ويذهب الناطق باسم الجيش العميد عامر محمد الحسن في حديثه لـ(السوداني) إلى أن الجيش موجود ضمن لجان الأمن في كل الولايات ولهذا سيكون حاضرًا ضمن خطة مُتابعة ومراقبة تنفيذ حظر التجوال حسب الزمن المُحدد له يوميًا، وأضاف: الخطط الأمنية في إطار مهام القوات المسلحة مستمرة ولن تتأثر لضروريتها لحفظ الأمن والاستقرار.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.