تحليل سياسي : محمد لطيف

حقوق الفرد .. وحقوق الجماعة!

شارك الخبر

 
البشرية أمام اختبار حقيقي .. قلت وأقول إننا في السودان لسنا استثناءً .. بل نمر بذات الاختبار .. بل ربما تكون ظروفنا اسوأ .. باعتبارنا الأقل استعداداً وجاهزية لهذا الاختبار .. 
لجهة النظام الصحي الذي يمكن أن يستوعب هكذا طارئ  .. أو حتى يمتص صدمته الأولى .. ولجهة ضعف المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمعينات والمستهلكات الطبية المطلوبة لهكذا موقف .. ولجهة غياب المخزون الاستراتيجي من الأغذية بكل مشتقاتها .. حتى المنتجة منها محلياً .. إذا كانت الولايات المتحدة وحدها تتحدث عن عجز يبلغ مائة وستين ألف سرير لاستيعاب الحالات المتزايدة هناك .. وإذا كان كل العالم .. بل العالم الأول كما كنّا  نسميه حتى حلت كورونا فتساوى الجميع .. حتى العالم الأول هذا مرعوب الآن من نقص أجهزة التنفس الصناعي .. وهذا يعني أن أي أزمة عندهم تساوي عندنا كارثة .. وأي مشكلة عندهم تعني عندنا مصيبة .. فماذا ننتظر .. وماذا لدينا يا ترى ..؟!
كنّا .. وطوال الأيام الماضية نتحدث عن أهمية الوقاية .. وأهمية الإعلاء من قيمة القاعدة الذهبية .. الوقاية خير من العلاج .. وفِي الوقاية هذه يجمع الجميع حتى الآن إن أول مدخل لهذه الوقاية هو البقاء بالبيت .. والبقاء بالبيت .. مقروءاً مع حالة الطوارئ الصحية المعلنة رسمياً من قبل الدولة ..  يعني تقييد حركتك .. واستجابتك لهذا النداء أن قبولك بهذا التقييد يعني عملياً تنازلك عن حق أصيل كفله لك الدستور والقانون .. وهو حق التجول أو حق التنقل .. ولن تكون استثناءً في هذا .. فكل دول العالم ومجتمعاته المتحضرة .. قد طبقت هذا التقييد وألزمت به مواطنيها .. بل إن بعض الدول قد طبقت الأمر بالقوة الجبرية .. واتخذت إجراءات صارمة بلغت حد استخدام القوة الجبرية .. أي أنها قيدت حركة الأفراد .. لصالح سلامة الجميع ..!
طبيبة متخصصة في مكافحة الفيروسات تحديداً .. تحدثت إلى صباح أمس .. تحذر تحذيراً شديداً من خطورة هذا الأسبوع .. وتؤكد على ضرورة تقييد حركة كل المواطنين .. دون استثناء .. وإلا فعلينا أن ننتظر كارثة حقيقية .. وطالبتني وعبري كل الصحفيين .. أن نؤكد على أهمية فرض حظر تجوال كامل .. في كل أنحاء البلاد .. وطوال اليوم .. قلت لها موضحاً .. لقد كتبنا وسنظل نكتب .. بل إن وزير الصحة الاتحادي نفسه قد طالب وما يزال يلح على تطبيق ما تطلبين .. ثم استدركت .. و لكن بعض أطراف الحكومة تعتقد أن من الصعوبة بمكان تطبيق التقييد الشامل لحركة الناس .. لأن البعض يسعي لرزقه يوما بيوم .. قالت لي محدثتي .. الأمر ليس بهذه الخطورة .. فقد جربنا في بلادنا هذه تحديداً .. أن حركة الحياة من أعمال وأنشطة وتجارة .. تتعطل لمدة أسبوع في بعض الأعياد .. بل في بعض المرات وصلت العطلة إلى عشرة أيّام ..ومع بعض الترتيبات المحدودة التي على الدولة اتخاذها .. مسنودة من المجتمع بالطبع .. يمكن عبور هذه المرحلة .. إن لم يكن بسلام .. فبأقل الخسائر .. !
وجدت في وجهة نظرها وجاهة .. وفِي منطقها رجاحة .. وفِي استشهادها خير معين .. بقي الإسناد المجتمعي للدولة .. فليس موضوع التنازل الطوعي عن حقك الأصيل في التجول هو المطلوب فحسب .. بل المطلوب كذلك تفعيل مبادئ وقيم تفوقنا بها على العهد الدولي وعلى الحقوق المدنية ..وكل مواثيق الأمم المتحدة  .. فديننا وحده هو الذي يحضنا على حفظ حقوق الوالدين .. وحقوق ذوي القربى .. بل وحقوق الجار .. إذن أنتم تملكون الأفضل .. فاستخدموه لتنجوا ..!  

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.