رفع الدعم بسبب كورونا.. وزير المالية يتحين الفرص

الخرطوم: ابتهاج متوكل

قوبل حديث وزير المالية، إبراهيم البدوي، حول أنّ جائحة كورونا ستقود لركودٍ كبير وسيتأثر بها السودان، ملوحا برفع الدعم عن المحروقات. برفض مطلق من قبل بعض الخبراء، وأرجعوا ذلك لأسباب أبرزها أن رفع الدعم يحتاج لشروط محددة، بينما السودان لا يتوفر لديه أي شرط منها، محذرين من جراء ذلك حال حدوثه.
ويرى البعض ان الاقتصاد السوداني محاط بمشكلات كثيرة، إلا ان التركيز فقط على رفع الدعم.

ماذا قال وزير المالية؟
أعلن وزير المالية السوداني الدكتور إبراهيم البدوي، استعداد وزارته لتقديم دعمٍ نقدي مباشر للمواطنين خلال فترة حظر التجوال الشامل التي اقترحها وزير الصحة ”أسبوعين”. وقال الوزير في تصريحات نقلتها صحيفة المواكب (نعيش اقتصاد طوارئ وسنرفع دعم الوقود الذي سيوفر لنا”250″ مليارًا سنستفيد منها في خطط الوزارة لتقديم السلع التموينية الأساسية خلال أيام الحظر المرتقب). وأضاف الوزير (اعتمدنا دفع 6 آلاف جنيه شهرياً لـ”36″ ألف سيّدة يعملن كبائعات شاي في العاصمة المثّلثة لكنّها ستنقص لإدخال مهن هامشية أخرى).
ونشرت كوش نيوز تقريراً يوم الجمعة الماضي27 مارس 2020 تحت عنوان (قرارات حكومية هامة يتوقع صدورها مع نهاية شهر مارس تجعل حياة السودانيين أكثر صعوبة)، تعيد نشره مرة أخرى. صارت مظاهر الأزمة الاقتصادية في السودان تلقي بظلالها على حياة الناس، حيث ارتفعت معظم أسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة، بالتزامن مع نقص كبير في السلع الإستراتيجية مثل الوقود والقمح، بالإضافة لآثار جائحة كورونا التي تسببت في أزمات جديدة للاقتصاد السوداني، وبات من المتوقع أن تقوم الحكومة السودانية بإجراء عملية جراحية مؤلمة لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي أصبح يزداد صعوبة مع صباح كل يوم جديد.
الدكتور إبراهيم البدوي، وزير المالية في أكثر من مرة شدد على ضرورة رفع الدعم عن البنزين والرفع التدريجي لدعم الجازولين من أجل وقف التضخم الانفجاري الموروث من النظام السابق مع زيادة المرتبات الحكومية وتوفير دعم نقدي مباشر للأسر الفقيرة. وقال مراقب اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه حول القرارات الاقتصادية المتوقعة بناء على التصريحات الحكومية المتكررة حول الأمر: (ستتمثل المعالجة الآنية في زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات وربما زيادة أسعار الخبز لتقليل الدعم والذي بات يشكل إرهاقاً كبيراً للميزانية العامة للدولة والتوسع في السعر التجاري لتلك المواد). وأضاف المراقب أيضاً من القرارات المتوقعة فتح باب الاستيراد بكافة طرق الدفع وذلك لمعالجة أزمة الندرة في السلع والتي ارتفعت مؤخراً بصورة جنونية نسبة لجائحة كورونا.
وبخصوص سعر الصرف لم يستبعد المراقب تعويم الجنيه السوداني لسلع الوارد والصادر وتحويلات المغتربين، مع استمرار سياسة بنك السودان في نظام السعر المرن المدار. وقال المراقب: (القرارات الاقتصادية الجديدة رغم ما ستتيحه من وفرة في السلع، إلا أنها ستكون صادمة للشعب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وتوقع صدورها نهاية شهر مارس الجاري).

مشكلات (معقدة)
الاقتصادي بابكر الفكي النور يذهب في حديثه لـ(سوداني) ان سياسة رفع الدعم تعد أحد سياسات معالجات الاقتصاد، في كثير من الدول، كحل نظري، لكن التطبيق يحتاج إلى (ظروف وشروط) معينة، هذه الشروط بالنسبة للسودان لا يتوفر منها أي شرط، لذا نجد أن تطبيقها بالسودان ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي ككل، احد هده الشروط مستوى الدخل للأفراد بالبلاد ضعيفة جدا، ( لا يحتمل اي شيء) على حد قوله، الى جانب شرط وفرة وجودة السلع والمنافسة، حيث توجد سوق احتكارية لا تخضع للمنافسة.
وأضاف الفكي: وضع رفع الدعم يتيح الفرصة لفئات معينة بان تتكسب على حساب أفراد المجتمع، خاصة ان درجة الالتزام الأخلاقي في البلاد تدنت الصفر في أمر التبادل التجاري، بمعنى ان مستوى بعض الأفراد صار ينتهز فرص الأزمات لزيادة الكسب يعد غير مشروع في استغلال حاجة المواطنين، موضحا بان المجتمع السوداني صار يتكون من طبقتين ثرية تزداد غنى، وفئات محدودة ومتدنية الدخل ستدفع الثمن. واعتبر الفكي ان هناك معالجة جانبية تلازم رفع الدعم من قبل الدولة، إلا ان الواقع يعكس بان الدولة تصنف من ضمن الفئات ضعيفة الجهل، لا تملك إمكانيات لعمل أي معالجة جانبية، تلازم رفع الدعم لتخفيف العبء على الشرائح المتضررة، وأشار الفكي، الى ان لرفع الدعم مآلات كثيرة أبرزها، خلق حالة عدم الاستقرار، والاحتجاجات وتوقف الإنتاج، التي تقود الى مشكلات (معقددة) في المستقبل.

ليس ضرورة
وشدد الاقتصادي إبراهيم اونور، على ان العالم جمع يشهد ركودا، حتى في حالة رفع الدعم هو ليس حل لمشكلات الاقتصادي بحسب قوله، ويرى عدم وجود ضرورة للحديث عن رفع الدعم في هذه (الظروف)، وقال في حديثه لـ(السوداني) ان السودان جزء من الاقتصاد العالمي وهناك ركود في حالتي رفعه أو عدمه لن يؤثر، لان الركود مرتبط بالعالم، (كأنما شيء واحد)، وأشار اونور، الى ان وزير المالية يبدو كأنه لا يهمه من الأمور التي تحيط بالاقتصاد السوداني إلا رفع الدعم.

ظرف الحرج
ويعتقد الأكاديمي د. محمد الناير، ان السياسات الاقتصادية في ظل حكومة الانتقالية ( مرتبك جدا) وقال في حديثه لـ(السوداني) إن الموازنة وضعت بصورة خاطئة ومتضخمة بنسبة كبيرة، كما اعتمدت على المجتمع الدولي بنسبة ٣٠ ٪، وسبق أن حذرنا من ذلك، مبينا بأن عائد نفط الجنوب تدنى بسبب انخفاض أسعار النفط، وكان التوقع بأن ينعكس ذلك إيجابا على الاقتصاد، وأردف بالقول ان دولار الموازنة حسب على ٥٥ جنيهاً، وبرميل النفط ٦٠ دولارا، بينما الواقع حاليا برميل النفط بلغ سعره ٢١ دولارا، وأضاف: في حالة حساب تكلفة الوقود على هذه المعادلة ربما لا نجد دعما من أساسه، داعيا الى أن تحسب الأرقام والمبالغ بطريقة علمية وشفافة، وأشار الناير، الى ان تصريح وزير المالية في هذا (الظرف الحرج)، يظهر أن الموازنة لا تمضي بالصورة المطلوبة، وربما يضع أسعار السلع والخدمات في وضع (معقد جدا).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.