“كورونا” بفعل فاعل.. نظرية المؤامرة

ترجمة: سحر أحمد

تبادل السياسيون في كل من الصين والولايات المتحدة اتهامات تتعلق بتصنيع الفيروس التاجي “كورونا” كسلاح بيولوجي، طرح فيه الجانبان نظرية للمؤامرة، في وقت نشطت فيه وسائل التواصل الاجتماعي في طرح فرضيات ومزاعم تباينت فيها الدوافع والأسباب ما بين الربحية والأغراض السياسية.

اتهامات متبادلة
أشار تقرير حديث بمجلة “فوربس” الأمريكية إلى أن شخصيات سياسية أمريكية بارزة قد أشارت تلميحاً أو تصريحاً إلى أن الصين قامت بتصنيع الفيروس، وكانت أبرز هذه التصريحات ما غرد به توم كوتن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، الذي أشار إلى أنهم لم يتوصلوا بعد إلى المكان الذي نشأ به الفيروس التاجي. معتبراً أنه قد يكون سوقًا أو مزرعة أو شركة تصنيع أطعمة، منبهاً إلى أن ووهان – المدينة الصينية التي تفشى بها الفيروس – لديها المختبر الفائق الوحيد في الصين للسلامة الأحيائية من المستوى الرابع الذي يتعامل مع أكثر مسببات الأمراض فتكًا في العالم ليشمل، الفيروس التاجي.
تسريب محتمل
 
ومضى ستيفن موشر عالم الاجتماع الأمريكي المتخصص في الأنثروبولوجيا والديموغرافيا والسيطرة الصينية على السكان، في ذات الاتجاه، حيث كتب في مقال للرأي بصحيفة نيويورك بوست مرجحاً تسرب الفيروس التاجي من المختبر.
 وأشارت فوربس إلى أن موشر ليس عالمًا في الطب الحيوي، وله مؤلف بعنوان “لماذا يعتبر الحلم الصيني مهدداً جديداً للنظام العالمي؟”، ورجحت المجلة بأن الكاتب قد يكون متحاملاً على الصين.
معتبرة أن هؤلاء الذين اتهموا الصين لم يقدموا أدلة علمية على هذه الاتهامات.
استبعاد مرجح
واستبعد التقرير فرضية تسريب الفيروس من منشأة السلامة الحيوية في ووهان، معتبراً أن هذا النوع من المنشآت يحتوي على أعلى مستوى من الأمان والسلامة بين المختبرات الحيوية حيث إنها تتعامل مع كائنات خطيرة قد تهدد الحياة مثل فيروس إيبولا وحمى لاسا وفيروسات ماربورغ. لذلك ليس الأمر كما هو مُتَخَيَل، فالمختبر يجب أن يكون لديه أنظمة تهوية مناسبة، وجدران معززة، وأنظمة أمنية، وتدابير صارمة لمنع تسرب أي من هذه الفيروسات للخارج.
واعتبر التقرير أن الاعتماد على وجود مثل هذه المنشآت العلمية التي تتعامل مع الأمراض الخطيرة ليس دليلاً، خاصة وأن الولايات المتحدة لديها ستة مختبرات من هذا النوع من المنشآت، وهنالك منشآت أخرى قيد الإنشاء.
 
نظرية المؤامرة
من جانبها لم تقف الصين مكتوفة الأيدي أمام هذا السيل من الاتهامات، فقد حاولت أيضاً تصويب مدافعها نحو الولايات المتحدة، متهمة إياها بتصنيع الفيروس، ونشره في الصين.
 وجاءت الاتهامات على لسان سياسيين بارزين، بما في ذلك المتحدث الرسمي ونائب المدير العام لوزارة الإعلام بوزارة الخارجية تشاو ليجيان، الذي نشر سلسلة من التغريدات، متهماً الجيش الأمريكي بتصنيع الفيروس. إلا أنه وفقاً لتقرير فوربس فقد جاءت هذه الادعاءات خالية من الدلائل والبراهين.
وتصاعدت الحرب الكلامية بين واشنطن وبكين، عقب وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيروس “كورونا” بالفيروس الصيني في مؤتمر بالبيت الأبيض.
وبرر ترامب ذلك في رده على سؤال بشأن استخدامه ذلك الوصف للفيروس بدلاً عن اسمه العلمي، أنه رغب في الرد على اتهامات بكين للجيش الأمريكي بشأن صناعة الفيروس.
واعتبرت “فوربس” التي تعتبر أشهر دورية في العالم، أن منظري المؤامرة من كلا الجانبين لم يقدموا بالفعل أي دليل مقنع على أن الفيروس تم تصنيعه في مختبر، سواء في الولايات المتحدة أو في الصين.
الأدلة العلمية
 
أشارت “فوربس” إلى أنه في الواقع، ليس هناك فقط نقص في الأدلة التي تدعم نظريات المؤامرة هذه، فقد كان هناك أدلة علمية قوية متزايدة ضد كل منهما.
فقد أجرى العلماء الذين يحاولون في الواقع العثور على الحقيقة وحل المشكلة بدلاً من إلقاء اللوم على الناس، أجروا تحليلات جينية لتحديد مصدر الفيروس وكيف انتهى به الأمر إلى إصابة البشر، ودراسة العائلة التي ينتمي لها.
وبنهاية فبراير الماضي، نشرت مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” الطبية التي تصدر عن جمعية أطباء ماساشوستس، بحثاً أجراه عدد من الأطباء البارزين، أكد أن الفيروس لم يتسرب من المختبر، وأنه نوع من الفيروسات التي تنتشر بصمت في الخفافيش، وتدل المعلومات الوبائية على أن الفيروس ينتقل من الخفافيش ويصيب أنواع حيوانية لم يتم تحديدها بعد، كعامل وسيط ينقل المرض إلى الإنسان.
ورجحت الدراسة انتقال الفيروس من الخفاش إلى الإنسان عبر حيوان وسيط، مثلما حدث في فيروس السارس الذي تسبب في تفشي المرض في العام 2002-2003 بعد أن تمكن من القفز من الخفافيش إلى البشر عبر عائل وسيط.
في ذات الأثناء، نشرت مجلة نيتشر الطبية العالمية بحثاً آخر يمضي في ذات الاتجاه، ويستبعد تصنيع الفيروس من قبل الإنسان، نظراً لتكوينه الجيني وسلوكه.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.