وزير الدفاع الجديد.. محددات وتعقيدات

الخرطوم: محمد عبدالعزيز

ما يزال الفراغ الذي خلفه رحيل وزير الدفاع الفريق أول ركن جمال الدين عمر عريضاً في الحكومة الانتقالية التي تبارى وزراؤها في نعيه وتعداد مآثره، إلا أن تركيز السلطات السودانية مثل غيرها من دول العالم على مواجهة جائحة كورونا قد تحجب ما يدور في الغرف المغلقة وفي الأوساط العسكرية عن الترشيحات لمن سيتولى وزارة الدفاع خلفاً للراحل جمال عمر.

تعقيدات ومحددات
اختيار وزير دفاع جديد في السودان لن يكون سهلاً كما يتصور البعض لعدة اعتبارات تتعلق بتعقيدات الفترة الانتقالية الحالية وضرورة الانسجام بين مثلث الحكم الحالي (عسكري وتنفيذي وقوى حرية وتغيير) من جهة، ومراعاة التعقيدات داخل المؤسسة العسكرية المختلفة على المستوى الأفقي (وحدات عسكرية) والرأسي (التراتيبية العسكرية).
رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان سيلعب دوراً حاسماً في اختيار وزير الدفاع وهو ما يجعل علاقة وزير الدفاع الجديد بالبرهان نقطة مهمة في حسم مسألة التعيين لتأتي بعدها مسألة الدفعة 31 من القوات المسلحة التي انتمى لها البرهان ووزير الدفاع الراحل إلى جانب العلاقة بوحدة الاستخبارات لاعتبارات شخصية وموضوعية أبرزها الإلمام بتعقيدات الفترة الانتقالية والنظرة الشمولية لمعالجة القضايا المختلفة فضلاً عن تعقيدات مفاوضات السلام وترتيباته.

أسماء وترشيحات
الاسم الأبرز هو رئيس الأركان الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين بحكم موقعه العسكري.. صحيح أنه تولى الموقع في يوليو الماضي بعد توقيف الفريق أول هاشم عبد المطلب وعدد من كبار ضباط الجيش وجهاز الأمن والمخابرات وقيادات الحركة الإسلامية بتهمة التخطيط والمشاركة في محاولة انقلاب في 11 يوليو قالت السلطات إنها أحبطتها، على أن يحل محله الفريق مجدي إبراهيم نائب رئيس الأركان للإمداد.
ثمة خيار آخر لضابط من خارج القوات المسلحة حيث يبرز اسم اللواء عباس عبد العزيز وهو من الدفعة 29 وعمل في الاستخبارات وعمل عبدالعزيز منتدباً بجهاز الأمن والمخابرات الوطني ومديرا لهيئة العمليات برتبة لواء ولعب دوراً مهماً في بناء قوات الدعم السريع، ويعتبر من المقربين من عضو المجلس السيادي محمد حمدان دقلو لكن استقالة رئيس الاستخبارات مصطفى ودخول جمال عمر للمجلس العسكري حرمه من الموقع الذي كان من أبرز مرشحيه، يعتبر عبد العزيز أفضل من سينسق بين القوات المسلحة والدعم السريع، تخرج عبد العزيز في الكلية الحربية الدفعة 29 من مجايليه بالكلية الحربية الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب، الذي يعمل حالياً مديراً لشركة الساطع المملوكة للقوات المسلحة، ولكن ثمة عقبات أمامه حيث لا تتوفر له علاقات إقليمية ودولية واسعة وقدرة على الإلمام بملف إدارة الأزمة والتفاوض.
ثمة اسم ثالث هو الفريق جمال عبد المجيد مدير المخابرات العامة الذي أتى بعد استقالة دمبلاب بعد تمرد العمليات بجهاز الأمن، عبد المجيد ينتمي إلى الدفعة (32) بالكلية الحربية التي تضم أيضاً عضو المجلس السيادي الفريق شمس الدين كباشي، وجرت إحالته للتقاعد برتبة (لواء) وأعيد إلى الخدمة وتمت ترقيته إلى رتبة (الفريق) عقب الاستقالة التي دفع بها عضو المجلس العسكري ورئيس اللجنة الأمنية آنذاك الفريق مصطفى محمد مصطفى، وشغل عبد المجيد مدير إدارة المعلومات بهيئة الاستخبارات لفترة طويلة، وكان مقرباً من الراحل جمال عمر ومن المتابعين لملف المفاوضات من خلال موقعيه في الاستخبارات والمخابرات.
ما يعزز حظوظ عبد المجيد لتولي حقيبة الدفاع هو قربه من ملف الترتيبات الأمنية والسلام، إلا أن وصوله الحديث لجهاز المخابرات وشروعه في عمليات الإصلاح قد تُحدث ربكة أخرى، مما سيجعل خيار استمراره هو الأرجح.

خيارات أخرى
ثمة خيارات معقدة قد يلجأ إليها المكون العسكري تتعلق بالدفع بعضو المجلس السيادي الفريق أول شمس الدين كباشي للدفاع لاعتبارين أولهما التراتيبية العسكرية، وثانيهما بحكم قربه أيضاً من ملف السلام إلا أن وجوده في (السيادي) قد يكون مشكلة مع صعوبة أن يتخلى عن موقعه في (السيادي) لموقع تنفيذي أدنى بالرغم من أهميته، لذلك يبدو خياراً صعباً خاصة مع الملفات المهمة التي يتابعها الكباشي في المجلس السيادي.
فيما هناك خيارات أخرى تتعلق بالدفع بأسماء جديدة وترقيتها سواء ممن في الخدمة أو التقاعد، وقد لا يخلو الأمر من مفاجآت خاصة وأن هناك اتجاه للاستعانة بعنصر الشباب المؤهل من الضباط الذين نالوا تأهيلاً عالياً، وستكون هناك جملة من المعايير مهمة لشغل المنصب أبرزها الإلمام بتعقيدات ملف السلام وتداعياته المستقبلية خاصة فيما يلي الترتيبات الأمنية، فضلاً عن ذلك علاقات خارجية جيدة تساعد في عملية تطوير وتحديث القوات العسكرية في السودان.

اعتبارات سابقة
اختير جمال الدين عمر ليكون وزيراً للدفاع في أول حكومة انتقالية بعد عزل الرئيس السابق عمر البشير، لعدة اعتبارات أبرزها أنه لعب دوراً كبيراً في الإطاحة بالبشير ضمن المكون العسكري حيث تمت ترقيته إلى رتبة فريق أول في شهر إبريل 2019. وفي 23 مايو 2019 أصدر عبد الفتاح البرهان قراراً بتعيين الفريق أول جمال الدين عمر ليصبح عضواً بالمجلس العسكري الانتقالي، ورئيساً للجنة الأمن والدفاع، لذلك كان المرشح الأقوى لتولى حقيبة الدفاع في الحكومة الانتقالية.
وعمر منذ تخرجه ضابطاً ضمن الدفعة 31، ظل يخدم في القوات المسلحة السودانية، وتنقل بين الإدارات المختلفة بوزارة الدفاع وهيئة الأركان المشتركة، إلى أن وصل في مارس 2017 إلى منصب رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، لذلك كان فاعلاً في عملية السلام التي تمثل التحدي الأول بالنسبة للحكومة الانتقالية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.