العين الثالثة||ضياء الدين بلال

شكراً لهم!

شارك الخبر

-١-

قبل أيام تصدرتْ صورة الطبيب السوداني الراحل د. حوراني غلاف عدد من كبريات الصحف البريطانية .
حيث شكَّل وفاة اثنين من الأطباء البريطانيين من أصل سوداني؛ بمرض كورونا، صدمةً كبرى للجميع.
كلُّ العالم أصبح ينتبه لضرورة تكثيف حماية العاملين في الحقل الطبي من غدر الفيروس اللعين.
عقب وفاة الطبيبين السودانيين شنت مجموعاتٌ من الأطباء والممرضات هجوماً كبيراً على الحكومة البريطانية جراء ما قيل عن النقص المستمر في معدات الحماية؛ من الأقنعة إلى السترات الواقية .
إذا حدث ذلك في بريطانيا؛ الدولة المتقدمة في الخدمات الصحية وأم الطب الحديث، فماذا يمكن أن يحدث في بلادنا المتخلفة في كل شيء؟!

-٢-
لو أن هنالك مهنةً تستحق الآن أن يقف المجتمع لها احتراماً وتقديراً وإجلالاً، لهي مهنة الطب.
ليس الآن فقط، بل في كل الأوقات ظل غالبُ الأطباء في بلادي يعملون في ظروف بالغةٍ السوء وبمقابل ماديٍّ زهيد لا يُلبي أبسط الحاجات.
ليس الأطباءُ وحدهم من يعانون تلك الظروف القاهرة، ويكابدون الصعاب العصية .
غالبُ العاملين في الحقل الطبي يقاسمونهم ذلك العناء!

-٣-
كثيراً ما كنت أقولُ لنفسي أثناء زيارتي لبعض المستشفيات:
إذا كنت كزائرٍ لا أحتملُ قضاء دقائق في هذا المكان، وسط الأحزان ورداءة الأوضاع، ماذا عن الذين من واجبهم البقاء لساعاتٍ طوالٍ هنا كل يوم ؟!
بيئةُ غالبِ المستشفيات طاردةٌ ومقززة، وهي منصاتٌ للعدوى أكثر من كونها أماكنَ للعلاج والاستشفاء !
ومعيناتُ العلاج إن لم تكن معدومةً فهي محدودة.
وكما يقول صديقنا وأستاذنا عادل ابراهيم حمد
( بإمكانك أن تقول لشخص كُلْ والبسْ على قدر قروشك، أي افعلْ كل شيء في الحياة على قدر ما تملك من مال، ولكن لا تستطيع أن تقول له امرضْ على قدر ما في جيبك من مال)!

-٤-
لا يوجد دليلٌ أوضحَ وأكبرَ على فشل الدولة السودانية كمشروع وطني معلول منذ الاستقلال إلى اليوم، أكثر من الحالة المتردية للمستشفيات العامة.
مع كل تلك التضحيات الكبرى المقدمة من العاملين في الحقل الطبي، لا يجدون ما يكافئها من تقدير؛ لا من الحكومات ولا المجتمع!
بل في السنوات الأخيرة برزت ظاهرةُ الاعتداء على الأطباء أثناء قيامهم بالواجب المقدس.
معادلةٌ قاسية : عناءٌ جسدي ورهقٌ نفسي وشحٌّ في الأجر وعدمُ شعور بالأمان!
صور ومشاهد تقدم للعاملين في الحقل الطبي تذاكر للهروب من الوطن!

-٥-
العالمُ اليوم ينظرُ بإجلال وتقدير لدور الأطباء والعاملين في الحقل الطبي وهم يمثلون خطَّ الدفاع الأول والأخير ضد فيروس الكورونا اللعين.
أسوأ سيناريو يمكن توقعه في حال تفشي الوباء لا قدر الله، أن يجد العاملون في الحقل الطبي أنفسهم في مواجهة الخطر دون حماية وقائية ودعم مجتمعي، فيكون خيارُهم الانسحابَ من ميدان المعركة!

-أخيراً-

علينا جميعا حكومةً ومجتمعاً، أن نعلن عن وقفةٍ قوية خلف جيشنا الأبيض وهو يقاتل ببسالة ذلكَ العدوَّ الشرس.
الحكومةُ؛ بتوفير مستلزمات الوقاية التامة والمقابل المجزي، والمجتمعُ؛ بالدعم المعنوي والأدبي والدعاء..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.