وفقدنا العالِم بروف سنادة

إنا لله وإنا اليه راجعون. مصابنا اليوم مصاب السودان كله، إن كان يعلم، أستاذي وصديقي بروفيسور محمد حسن احمد سنادة. (استشعر أن دموع كل من عرفه الآن ذرفت). من أين أبدأ؟ يوم كنا طلاباً في معهد المعلمين العالي والذي أصبح كلية التربية ونحن فيه في أوائل سبعينات القرن الماضي، في تخصص الرياضيات والفيزياء. جلافة الرياضيات دفعتنا الى متعة الفيزياء بمعاملها ليس المعمل هو الدافع ولكن من يحرك المعامل. كان أستاذنا بروف سنادة خير معين لنا إذ كان مشرفاً على جمعية الفيزياء والتي تشرفت برئاستها عدة دورت (كأول رئيس غير مسيس) ويعطينا من وقته أضعاف الوقت الذي في المحاضرات. كان القرب منه متعة لا تدانيها متعة فأنت إما متعلماً او ضاحكاً من قفشاته التي يطلقها في هدوء محير كل كلمة منه كانت تسير بها الركبان أياماً.
منه ومعه فلفلنا كل أجهزة المعامل التي في المنهج والتي ليست فيه وما أغنى المعامل في ذلك الوقت وفي كل سنة يتوج ذلك بمعرض للفيزياء يعج بالزوار من المواطنين في أحياء ام درمان الشمالية وغيرهم.
ما رأيته غاضباً ولا رافعاً صوته أبداً حديثه قريب من الهمس وضحكة صافية صفاء نفسه. وافترقنا كل واحد في طريق هاجرنا لدول البترول وهاجر لدولة العلم. لم يكن الاتصال سهلاً في ذلك الزمان إلا من خطابات البريد ذات الطوابع.
وعدت في منتصف تسعينات القرن الماضي ووجدت أستاذي وصديقي أكثر علماً ومتعة وعطاء ثراً وقدم علمه ومعرفته في كثير من المواقع رئيساً لقسم الفيزياء في كلية التربية جامعة الخرطوم. ثم عميداً لكية التربية بجامعة وادي النيل ثم مديراً لجامعة وادي النيل والتي شهدت في عهد توسعا وتطوراً شهد به كل الناس (الذي لا يقال هنا كثير). وعمل عميداً ومؤسساً للكلية الأردنية السودانية للعلوم والتكنولوجيا. ومن بعد جامعة السودان المفتوحة منسقاً ومستشاراً لمديرها.
وأخيراً مستشاراً في جامعة أفريقيا. وقد شارك في وضع مناهج فيزياء كثيرة للثانويات والجامعات.
شاركت معه ونفر من علماء التربية في لجنة تربوية بالوزارة وكنت أصغرهم علماً وعمراً وكنت أصر ان أجلس بجانبه فحديثه متعة وهمسه أمتع. اللهم ارحمه واغفر له. آخر لقائي به قبل شهر تقريباً في منزله ومعي صديقي علي المهدي؟
أستاذي موسوعي فهو فيزيائي وتربوي وعالم نفس ومتدبر قرآن جيد ورثه من أبيه وله عدة مؤلفات أشهرها كتابه الذي عنوانه (الإنسان ونفسه من القرآن الكريم جدلية القلب والفؤاد والدماغ والصدر) سكب فيه علماً مهولاً بعد بحث مضنٍ وقدم له البروفيسور عبد القادر محمود الذي قال في مقدمته للكتاب (اجتمعت فيه الفيزياء والتربية وعلم النفس والفلسفة المطلقة والفلسفة الإسلامية وتفسير القرآن وآراء علوم اللغة العربية كما احتوتها كتب التفسير وأمهات المعاجم …..).
وكتبت عن الكتاب حين صدوره في 2011م.
بقي أن أقول توفي بروفيسور سنادة رحمه الله في نفس اليوم الذي توفي فيه كابتن كمال عبد الوهاب. رحمهما الله جميعاً وموتانا وموتى المسلمين.
الى جنات الخلد أستاذي منعتنا (الكورونا) من العزاء.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.