ويظل محجوب فينا حياً حقائق مرة .. في الرحيل المر !

دهشت وأنا أتابع بعض أدعياء الحرص على الديمقراطية وعلى محجوب شريف .. وهم يلومون وسائل الإعلام الرسمية من إذاعات وفضائيات على تجاهلها لحدث جلل .. مثل رحيل محجوب شريف .. حيث تراوحت تغطية تلك الأجهزة لذلك الحدث من الضعف إلى التجاهل .. ثم إن ذات أولئك الأدعياء أعابوا على الدولة الرسمية وحكومتها كذلك غيابها كذلك وتجاهلها لحدث جمع أفئدة أهل السودان قاطبة إلا من أبى .. ودهشتي تذهب حيال الأدعياء .. لا الأجهزة ودولتها .. أو إن شئت قل .. الدولة وأجهزتها .. ذلك أن ما حدث كان عين ما يتمناه محجوب .. وهو عين ما كان يطبقه محجوب فى حياته ..ولو كان الأمر بيده في ذلك اليوم لاحتفى أيما احتفاء بهذا التجاهل وذلك الإغفال .. في حياته، قلت له مرة .. لماذا لا تهتم بك الدولة ..؟ رد سريعاً .. هذا يعني أنني أقف في المربع الصحيح ..فلم أعقب أنا ولم يزد هو ..!

ثم راج أن أسرة محجوب شريف رفضت استقبال بعض المعزين الذين وفدوا إلى سرادق العزاء .. وهنا لا بد من إجلاء أمرين مهمين .. أولهما أنني أتحدى كائناً من كان .. أن يثبت أن شخصاً ما أياً كان مركزه أو موقعه أو صفته قد وصل إلى سرادق العزاء فردوه على عقبيه .. هذا لم يحدث قط .. كثيرون من المحسوبين على الحكومة وأحزابها .. وبمستويات متفاوتة قد مروا على ذلك السرادق .. صحيح أن أحداً لم يأبه بوجودهم .. ولم يحتفَ بهم كما اعتادوا فى مواقع أخرى .. ولكن الصحيح أيضاً ..أن أحداً لم يطلب من أحد الانصراف أو مغادرة المكان..!

وننتقل لنقطة أخرى .. فقد اتصلت مكاتب بعض المسؤولين .. لتخطر برغبة ذلك المسؤول فى القدوم لتقديم واجب العزاء .. لقد بدا الأمر وكأنه استئذان .. وكان جلياً أن من فعل هذا كان يستشعر حرجاً من القدوم المباشر .. فكان طبيعياً أن يكون رد الفعل الطبيعي تجاه هكذا موقف هو الاعتذار .. وثمة بون شاسع .. بين أن أطردك من داري بعد قدومك .. وهذا لم يحدث قط كما روج البعض .. وبين أن أعتذر عن استقبالك حين تستأذن في الحضور .. وهذا ما مارسته الأسرة أو من فوضتهم كحق طبيعي وأصيل .. لماذا ..؟

هنا مربط الفرس .. فثمة قناعة راسخة لدى الأسرة .. وكثيرين حولها .. أن الحكومة قتلت محجوب شريف .. كيف ولماذا ..؟ لقد غدا محجوب شريف أشهر مريض بالتليف الرئوي لا في السودان .. بل على مستوى العالم .. ولحكمة يعلمها الله وحده فوفاة محجوب لم يكن سببها إلا التليف الرئوي .. فمنذ الساعة الثانية عشرة منتصف نهار الأربعاء الثاني من إبريل الجاري كان الانهيار قد بدأ على الرئتين المرهقتين أصلاً .. وتسابق الأطباء للسيطرة على الأكسجين الذي بدأ يتناقص في الدم .. حتى بلغ ما دون الأربعين لتفيض روحه الطاهرة في تمام الثانية وثماني دقائق من ظهر ذلك اليوم ..ليكتب أطباء مستوصف تقى التخصصي بأمدرمان أن محجوب شريف قد مات (إثر هبوط حاد في التنفس بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة التليف المزمن بالرئتين) والقاصي قبل الداني يعلم أن التليف كان سببه المعاملة القاسية واللا إنسانية التي تعرض لها محجوب شريف في معتقلات (النظام) وسجونه ..! فهل يلام من يعتذر بكل أدب عن استقباله ………؟؟؟؟!!!

*كتب في إبريل 2014

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.