لمن نكتب ؟.. ود الفكي نموذجاً!

مهما بلغ الصحافي من شأن ومن شأوٍ.. سيظل أكثر ما يسعده أن يجد ما يكتبه صدىً عند من يعنيهم الأمر .. وكل من يزعم غير ذلك .. فخير له أن يراجع ما يكتب .. فالكتابة ليست غاية في حد ذاتها .. تنتهي بانتهاء مراسم تسويد الصحائف .. يتنفس الكاتب بعدها الصعداء بإحساس أن هماً ثقيلاً قد زاح عن كاهله .. ولا هي ترفاً يمارسه الكاتب في أوقات فراغه .. يزجي به الوقت .. كلا هي لا هذا ولا ذاك ..بل هي مسؤولية .. ومسؤولية عظيمة .. وعبء التزامك تجاه تلك المسؤولية يبدأ من لحظة معانقة ما كتبت لأعين من عنيتهم بالكتابة .. بدءاً من مجموع قرائك .. و مروراً بالمتأثرين بالموضوع الذي تكتب عنه .. وانتهاءً بمن تسبب في حدوث ذلك الذي تكتب عنه .. وشخصياً .. فلست استثناءً من القاعدة .. فإن علمت أن قارئاً واحداً .. نعم واحداً .. وقف عند ما كتبته فتلك سعادة عندي عظيمة .. فقارئي الواحد يمثل عندي أمة .. أما أن بلغني أن متأثراً من قضية تناولتها قد بلغته رسالتي ووقف عندها .. فحينها يغمرني شعور بالارتياح .. فقد حققت رسالة إنسانية مهمة .. إنها مؤازرة ذو حاجة أو دعم مظلوم أو مساندة مضطهد .. وبقدر حجم وقع تلك المؤازرة على المتأثر .. يكون إحساسي بالارتياح أيضاً .. وأخيراً نأتي إلى بيت القصيد .. وهي الفئة الثالثة التي يسعد الصحافي أن تبلغها رسالته .. إنهم المسؤولون ..أو قل صناع القرار ومتخذيه .. فلماذا نكتب أصلاً ..؟ نكتب لأن واجبنا أن نراقب السلطة .. نقول لها أحسنت إن أحسنت .. و نقول لها أخطأت إن أخطأت .. إذن .. ودون مكابرة نقول .. إن الحلقة الأخطر والأهم في حلقة قرائنا هم المسؤولون وصناع القرار ..!
شريطة أن تكون استجابتهم إيجابية ..!
بالأمس تناولنا أداء لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو .. وأوردنا بعض الملاحظات والتحفظات ..خاصة لجهة إحالة شاغلي الوظائف الدنيا في الخدمة المدنية .. وأوردنا نموذجاً لموظفين أبعد ما يكونا عن أن ينطبق عليهما شرط تفكيك النظام البائد .. وطالبنا اللجنة أن تكون أكثر دقة وتمحيصاً للمعلومات التي تبني عليها قراراتها .. والتي قد تكون مفارقة لمبدأ العدالة في بعض الأحيان .. !
غير أن سعادتي كانت عظيمة وأنا أتلقى بالأمس اتصالاً من الأستاذ محمد الفكي عضو المجلس السيادي ونائب رئيس لجنة التفكيك .. وإن شئت الدقة فقل أكثر الأعضاء الفاعلين فيها .. يجد القارئ في غير هذا المكان إفادة خبرية لسيادته حول ما تناولناه .. ولكن الذي يهمني هنا هو .. تسليط الضوء على ثلاث نقاط مثلت لي جوهر حديثه .. الأولى أن العدالة بالنسبة للجنة مبدأ مقدس لا حياد عنه مهما كلّف الأمر .. و يكفي على حد قوله .. أنها ثالث ثلاثة أضلاع قامت عليها الثورة .. الحرية والسلام والعدالة .. بل هو يرى أن العدالة هى ذروة سنام ذلك الشعار .. وأن اللجنة التي كلفت بتفكيك نظام مارس الظلم كثيراً لا يمكن إلا أن تكون عادلة .. أما النقطة الثانية فهي إفادته بأن اللجنة تتلقى تقاريرها من الجهات ذات الصِّلة .. أي مواقع العمل .. معتمدة من أعلى القيادات في تلك المواقع .. ولكن كثرة الملاحظات والتحفظات ..خاصة حول إحالات شاغلي الوظائف الدنيا .. تفرض على اللجنة أن تتساءل .. وهذا حقها بل من صميم واجبها .. حول مدى دقة المعلومات وصحتها ..أما النقطة الأخيرة في إفادة السيد محمد الفكي فقد كانت تأكيده على أهمية دور الصحافة في تسليط الضوء على مجمل أداء الدولة .. وخاصة تلك الأنشطة ذات الصِّلة بالمواطن .. وعموماً فود الفكي ليس بعيداً عن الصحافة .. عليه فحديثه عن دورها يجيء متسقاً مع هذه الصِّلة .. بقي أن نقول إننا إذ نشكر الرجل على اهتمامه فإننا ننتظر منه أمرين .. انصاف المظلومين أولاً .. ثم البحث في آلية تقي اللجنة شر الزلل أولاً ثم تضمن عدم تكرار ما حدث.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.