البعض قد يختلط عليه الأمر في التفريق بين الواجبات المدرسية والتمرينات الأكاديمية الصفية، فالواجبات المدرسية عبارة عن عمل يُكلف به الطالب بأدائه خارج الصف الدراسي، وتثبيت المعلومات التي تم شرحها في الصف، وكذلك ربط المنزل بالمدرسة من خلال إشراف ولي أمر الطالب على واجبات ابنه، خصوصاً مع طلبة المرحلة الابتدائية، في المقابل كثرة الواجبات المنزلية وبشكلٍ يومي، يزرع الملل في نفس الطالب ويزيد من إحباطه فيهمله، لذلك التبسيط في الواجبات المنزلية للطالب يزيد من دافعيته لأن ينجزها بسرعة، وهنا يجب على المعلمين فيما بينهم تنسيق الواجبات المنزلية حتى لا تكون ثقيلة على الطلاب وتأخذ جُلَ وقتهم في البيت، مع ضرورة تجنب الأفكار المكررة فيها، وتنوعها بأن تكون بعيدة عن الروتين الثابت الذي يمثل العامل الرئيسي في ترك الطالب للواجب المنزلي، والأهم من ذلك كله مراعاة عدم استخدام الواجب المنزلي لأبنائنا كعقاب، لأن ذلك يؤدي إلى نتيجة عكسية غير مرغوب فيها.
والواجب الفعَال هو الذي يراعي الحاجات الفردية لكل طالب كماً وكيفاً، فليس بالضرورة أن يكون لكل درس واجب، فهناك بعض الدروس لا تتطلب تعيين واجب لها، كما يمكن للتمرينات الصفية أن تكون بديلاً عن الواجب المنزلي تخفيفاً على الطالب والأسرة، ولأنَ كثرة الواجبات المنزلية قد تُعدُ هاجساً للأسرة، فقد نجد البعض من أولياء الأمور يقومون بحل الواجبات بأنفسهم لكسب الوقت لأخذ قسط من الراحة والخاسر الأكبر هم الأبناء.
لذلك في تقديري لنعمل على تبسيط الواجبات المنزلية رحمةً بأولياء الأمور والطلاب، حتى نزيد من دافعيتهم ويلتفتون إلى أداء واجباتهم بأنفسهم عن قناعة، فمثلاً، بدلاً من إعطاء الطالب خمسة تمارين في الرياضيات من نفس النوع، يمكن إعطاؤه تمرينين فقط مختلفين ويركز فيهما.
وفي دراسة أجراها التربوي النيوزيلندي جون هاتي لمجموعة من العوامل التي تؤدي لإنجاح العملية التعليمية، تذيلت الواجبات المدرسية، فجاءت في ذيل القائمة، ورأى أنها تساعد التلميذ في العملية التعليمية بنسبة ضئيلة، ويرى البعض أن الواجبات المدرسية تتحول في بعض الأحيان إلى عبء ثقيل على التلميذ خاصة إذا لم ينجزها في الوقت المتاح، أو عندما تتحول لوقتٍ غير مفيد لا يركز فيه التلميذ على الواجب المدرسي وإنما على أمورٍ أخرى.
قديماً كانت فلندا الأسوأ في التعليم عندما تم تقييم طلابها بين دول العالم، ولكنها نهجت طريقة غريبة في طريقة التعلم بتجربة أفكار جديدة مع الطلاب لتقفز في وقتٍ وجيز إلى القمة، وصارت الأولى عالمياً في التعليم، هذه الطريقة هو تبسيط الواجبات المدرسية واستقصاء ما لدى الطالب من أفكار، وفسح المجال للطلاب لتعلم المهارات وضروب العلم العملي الميداني وتقلييل الواجبات، ليعيش الطلاب طفولتهم بالطريقة التي يجدون فيها أنفسهم على حسب رغباتهم ليكونون نجوماً شابة ويتمتعون بالحياة، أما الواجبات المدرسية عندهم، فهي عشر دقائق إلى عشرين دقيقة، حيث أنهم يرون كثرة الواجبات المدرسية عفى عليها الدهر، وبدلاً عنها يمكنهم ممارسة الهوايات خارج البيئة الصفية وتسلق الأشجار واكتشاف الحشرات المختلفة، ويأتون صباحاً للمدرسة لذكر ما تعلموه، كما يرون أن عقول الطلاب تحتاج إلى راحة لبعض الوقت، وللفلنديين أقصر يوم دراسي وأقصر سنة دراسية في العالم الغربي، فكل المدارس في فلندا متساوية، والطلاب يمارسون مهاراتهم الفنية ويخبزون الخبز ويقومون بكل الأعمال اليدوية، والنظام الفلندي يتمحور حول الطالب بعكس النظام الأمريكي الذي يتمحور حول العمل التجاري، وعند تأهيلهم للملاعب يحضر المهندسون ليتحدثون إلى الطلاب لمعرفة آرائهم وأفكارهم فيما يريدونه، حينها سيدرك الطلاب أن في الحياة ما هو أكثر من المدرسة.