الخرطوم: هبة علي
تغيُرات في المشهد السياسي المحلي تطرأ بين الفينة والأخرى، تؤثر بصورة مباشرة على العملية السياسية، فبعد أن كان تحالف الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على الاتفاق الإطاري أواخر يناير الماضي، أضحى بمطلع يناير بورشة الحوار السوداني ـ السوداني، في العاصمة الإدارية بالقاهرة، رغم رفض «الحرية والتغيير» المشاركة فيها، باعتبارها منبراً لقوى «الثورة المضادة»، حيث بدأت تخرج توصيات من هذه الورش وسط توقعات بأن تؤثر على العملية السياسية الجارية بين قوى الإطاري..
مخرجات مصر
وتوافقت القُوى السياسية والكُتل المشاركة في ورش المبادرة المصريّة على تسمية رؤساء “12” لجنة.
واتفقت على تكوين لجنة لقضايا السلام، برئاسة القائد مَنِّي أركو مناوي، ولجنة قضايا الشرق برئاسة الناظر محمد الأمين تِرِك، وتسمية لجان القضايا الدستورية ،” لجنة مبرِّرات عدم إصدار الوثيقة جديدة، برئاسة الأستاذ نبيل أديب، المحامي.
بينما يترأس لجنة التعديلات المطلوبة للوثيقة، محمد سيد أحمد، ويترأس بروفيسور حيدر الصافي لجنة المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، ونهى النقر لجنة الإصلاح المؤسّسي، على أن يتولى علي عسكوري رئاسة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م.
ويترأس جعفر الميرغني لجنة برنامج الفترة الانتقالية، ويتولّى دكتور التجاني سيسي رئاسة لجنة هياكل الفترة الانتقالية، بينما يترأس لجنة قضايا الشباب، نضال هشام، ويرأس مبارك الفاضل رئاسة لجنة الصياغة، وآلت رئاسة لجنة الإعلام للدكتور عبد العزيز عشر.
الدستورية أساس للحل
العودة للوثيقة الدستورية بالتعديل بناءً على المتغيرات السياسية التي حدثت بعد 25 أكتوبر كان من المطالب الأساسية للمجموعات المحسوبة على التوافق الوطني، وأطل هذا المطلب بورشة القاهرة كأساس دستوري يجمع أطرافها الموقعين قديماً، وإضافة مجموعات جديدة بذريعة عدم الإقصاء.
وأشار نبيل أديب مهندس الوثيقة الدستورية سابقاً ورئيس جلسات الحوار السوداني السوداني بالقاهرة، إلى ضرورة العودة للوثيقة وتعديلها، وأن تشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني .
وأوضح أديب بحديثه لـ”السوداني” أن مخرجات ورشة القاهرة ستسير في إطار الدعوة لاتفاق جميع الداعمين للتحول المدني الديمقراطي إلى التوافق حول تكوين أجهزة السلطة خارج المحاصصة الحزبية، شرط قبول أعضائها برنامج الثورة، قاطعاً بأن ذلك يتم بالتمسك بالدستورية وحكم القانون.
وتابع: “في واقع الأمر أن الخلافات بين المكونات المختلفة التي كانت متحدة حول إسقاط الإنقاذ هي خلافات يمكن تجاوزها بسهولة من أجل السودان”.
ويُذكر أن الحوار السوداني السوداني انطلق في الثاني من فبراير الجاري بفندق (سانت ريجيوس) بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور “35” تنظيماً سياسياً و”85″ قيادياً سياسياً تتمثل في وفود من «الكتلة الديمقراطية» ومجموعة «التوافق الوطني» وتحالف «التراضي الوطني، وأيضاً بمشاركة ”60″ من البعثات الدبلوماسية، ومن المنتظر أن يستمر هذا الحوار حتى الثامن من الشهر الجاري.
الجنرالات على الخط
وبعيد تصريحات جنرالات الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق أول شمس الدين الكباشي، في اليومين الماضيين إزاء الاتفاق الإطاري وعم الإمكانية في الاستمرار به مع جهة واحدة، علاوة على أن الجيش لن يحمي دستوراً صنعه عشرة أشخاص ــ على قول الأخير، من كادوقلي، بعيد هذه التصريحات توقع مراقبون أن تكون مخرجات ورشة القاهرة ملزمة إلى حد ما لجميع الأطراف، بسبب أن المشهد بات أكثر تعقيداً وضبابية.
المحلل السياسي طاهر المعتصم يمضي في هذا الاتجاه بالتأكيد على أن الوضع الآن أصبح متأزماً أكثر في ظل التراجع الملاحظ من قبل الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري وتحديداً تصريحات الفريق أول البرهان والكباشي.
وأوضح المعتصم بحديثه لـ”السوداني” أن مخرجات ورشة القاهرة ستؤثر على العملية السياسية وستنصنع انقساماً في المشهد، مشيراً إلى أن هنالك محاولة للإصرار على الوثيقة الدستورية السابقة، بينما المجموعة التي تعمل على الاتفاق الإطاري والقوى الموقعة عليه استندت على وثيقة دستورية جديدة تم التشاور حولها في مرحلة المحامين في أغسطس الماضي.
واضاف: “لا يمكن أن نقرأ هذا المشهد بمعزل عن السباق الدولي نحو السودان، وفي الأيام القادمة وتقريباً يوم الأربعاء سيتضح هذا جلياً”، وتابع: “بالنظر إلى عدد المبعوثين المؤيدين للاتفاق الإطاري والعملية السياسية، ومن الجانب الآخر هنالك وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مؤكد ستكون هنالك محاولات لتقريب وجهات النظر بين المجموعتين والمكون العسكري للخروج بحل.
فلاش باك
وفي طلع العام الجاري كان قد حل رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، وأجرى مباحثات مع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وعقد مشاورات منفصلة مع قوى الحرية والتغيير ــ المجلس المركزي، والكتلة الديمقراطية، مقترحاً على الطرفين استضافة القاهرة مؤتمراً للقوى السياسية بالبلاد من أجل توحيد مواقفها تجاه قضايا الانتقال وتوسيع القاعدة السياسية من أجل ضمان أمن واستقرار السودان، الأمر الذي اعتبرته الكتلة الديمقراطية بديلاً للتفاق الإطاري بحسب تصريحات منسوبة لنائب رئيس الكتلة، د. جبريل ابراهيم، بينما زهد المجلس المركزي في الاستجابة للدعوة.