الابتزاز السياسي بسلاح وسطوة الأمر الواقع

 

أمجد فريد الطيب

الحرب هي المناخ الطبيعي الذي يرغب فيه ويعيش فيه لوردات الحرب. ادعاءاتهم عن دعم التحول المدني الديمقراطي أو استعادة مسار الانتقال هي مجرد رفع للمصاحف على أسنة الرماح على طريقة فقه التقية. وجود أي قوات أجنبية في بقعة من البلاد هو أمر مرفوض، وينبغي ألا يحدث بدون رقابة أجهزة تشريعية، هي غائبة الآن. وكذلك فإن محاولة الاستعانة بأي قوات أجنبية في الضغط لحسم قضايا داخلية يدخل في باب الخيانة العظمى.

وبالمقابل، فإن حديث قوات الدعم السريع عن حقها في التواجد في كل أنحاء الوطن، بحسب بيانها الأخير، هو حديث خاطئ، ويستند إلى وضع مختل، واستمرار لمنهج الابتزاز السياسي بسلاح وسطوة الأمر الواقع، وهذا لا علاقة له بالانتقال في شيء ويتجاهل أن الثورة قامت بالأساس لتغيير ذاك الواقع.

الدعم السريع لا حق لها أصلاً، ولا مصير مقبول لها غير أن يتم حلها، والتخلص من وجودها غير الطبيعي الذي تخلق إبان نظام البشير لحماية سادته، وتحولت الآن إلى قوة عسكرية تحمي مصالح سياسية واقتصادية لملاكها، لا يمكن السماح في سياق الانتقال نحو تأسيس دولة حديثة ومستقلة بوجود جيوش ومليشيات وسلاح قطاع خاص، ولن يجدي مغازلة المجتمع الدولي أو محاولة ابتزازه بالحديث عن أدوار الدعم السريع في مكافحة الاتجار بالبشر أو الهجرة غير الشرعية (وهذا اللفظ في حد ذاته خاطئ) أو الاتجار بالمخدرات، هذه مهام لها أجهزة شرطية أخرى تؤديها، وإحدى مهام الإصلاح الأمني والعسكري هو رفع كفاءة هذه الأجهزة لتقوم بهذه المهام على أكمل وجه، وليس خلق كيانات بديلة لها، خصوصاً عندما تكون هذه الكيانات خاصة، وليست تحت سيطرة جهاز الدولة، وليست جزءاً من هيكلته الطبيعية.

لا يجدي في مخاطبة مثل هذه القضايا التذاكي أو السعي للعب على كل الحبال لتحقيق نقاط في قضايا سياسية أخرى. قضية إصلاح المؤسسة العسكرية لا تحتمل التسييس، ولا السمسرة السياسية على طريق خذ وهات، وهي حزمة واحدة متكاملة ينبغي تنزيلها بشكل كامل لا يحتمل التجزئة أو التبعيض.

 

 

 

 

 

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.