المتحدث باسم تجمع المهنيين محمد يوسف أحمد المصطفى لـ(السوداني):الإسلام السياسي و(السلعلع) والأحزاب المفبركة ضد التيار الشعبي الجارف

الخرطوم: عمرو شعبان

تجمع المهنيين السودانيين كلمة سر الثورة السودانية وأيقونة قوى إعلان الحرية والتغيير.. ينظر له الكثيرون باعتباره الساحر الذي استطاع تطويع حركة الملايين لصالح الحرية والانعتاق وصولا لنجاح ثورة ديسمبر المجيدة. العديد من التحديات تواجه الثورة والكثير من المواقف تعكس استفهامات مطالب في الإجابة عليها. (السوداني) التقت القيادي والمتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين د.محمد يوسف أحمد المصطفى.

• هل يعني حديثك أن الأربع سنوات فرصة للإسلاميين؟
لا.. بل لسلامة واستدامة العملية السياسية في السودان، نحن يهمنا أن يكون هناك تيار إسلامي سياسي.. صحيح نحن ضد هذا التيار، لكن إذا كان بريئا من ثقل الجرائم التي ارتكبتها عناصره خلال فترة الإنقاذ ومتفهما وقابلا للآخَر، أي أنه مؤمن بالديمقراطية ويدين الإقصاء، بالتالي من حقه أن يقول رأيه ويتحدث وهذا خلال الـ 4 سنوات يمكن أن يحدث.. إما أن يقولوا (لا) للملاحقة والإقصاء في الوقت الحالي فإن الناس ستضحك عليهم. وإذا أردنا أن نستفيد من أخطائهم بطريقة انتهازية لكنا استثمرنا فترة الإدانة الماثلة الآن والإقصاء الشعبي لهم بدليل ما يحدث لهم من منع في المساجد عندما يريدون الحديث، فأصبح الناس يتجاوزون التقاليد الدينية المعروفة وينزلونهم من المنابر.. كان يمكننا الاستفادة من ذلك ونعلن الانتخابات وبالتالي لن يجدوا أي صوت وتتم ملاحقتهم في كل مكان (حرامية، حرامية). لكن الناس لم تكن تريد ذلك.
• وما الخيار البديل؟

فضلنا ألا تكون الانتخابات متأثرة بالانفعالات الحالية، فالسائد انفعالات وانطباعات.. وحاليا لا يوجد أحد ضد التيار الشعبي الجارف سوى تيار الإسلام السياسي والناس (السلعلع) والأحزاب المفبركة التي خلقوها هم أنفسهم لخدمتهم، التي لا يمكن تسميتها أحزابا، فضلا عن أسماء لا قيمة لها ولا تاريخ سياسي، ويتم الدفع لهم حتى يخدعوا الناس بوجود تعددية حزبية. وكلهم أثبتوا في مواجهة الحراك أنهم أقلية.
• لكنهم يقولون إنهم جزء من الحراك؟

صحيح الكثير منهم يتحدثون عن أن جماهيرهم وأبناءهم جزءٌ من الحراك ومشاركون فيه، بالتالي لا يمكن تجاوزهم، ونقول لهم ببساطة: تعالوا وقولوا للمعتصمين انفضوا وسنرى.. لكنهم كاذبون ومعزولون وأحزاب أقلية، والشرفاء ابتعدوا عنهم من وقت بعيد وتركوا كل الجمل بما حمل، وتبقى فقط المنتفعون والمجرمون من ارتكبوا الجرائم الكبرى في حق البلاد من تدمير الخدمة المدنية والتعليم العالي والصحة، ومن قتلوا الناس في دارفور وكردفان والنيل الأزرق وبورتسودان وكجبار. وقتلوا همة المواطنين، بالفصل من الخدمة بالصالح العام فدمروا الأسر.

بالتالي هؤلاء مكانهم طبيعي أن ينزووا في أي (كورنر) ويكتفوا بما فعلوه من جرائم في حق الشعب. أما إصرارهم على المجيء والقول بضرورة أن يعتمدوهم وإذا لم يحدث فإن ذلك إقصاء؛ فهذا أمر غير منطقي، لأنهم في 30 عاما أقصوا كل الشعب السوداني. هناك قدرات وكفاءات (تسد عين الشمس) اضطروها للهجرة، وقوى سياسية محترمة وأسماء معروفة أهانوها، وظلت طيلة الوقت في المعتقلات والسجون، لذا لا وجه لهم ليتحدثوا.
• هل تستطيع مخرجات مؤتمر السياسات البديلة بناء البلاد في 4 سنوات؟

طبعا ممكن، وقادرة على استنهاض السودان في 4 سنوات.. هناك نموذج البرازيل التي أُعلنت دوليا كدولة مفلسة ولا يتعامل معها أحد. جاءت إدارتها وبرامج محددة جوهرها أنها مُحابية للفقراء، وسهل على المنتجين البرازليين الحياة، وخلال 4 سنوات فقط تحولت البرازيل إلى دولة مسددة لديونها وأصبحت من الدول الـ20 الأغنى في العالم.

نحن مؤهلون أكثر من البرازيل لجهة أن قاعدتنا لأي سياسة هي الزراعة، والزراعة مهنة 80% من المواطنين، والإنقاذ منعتهم من الزراعة كمصدر رئيسي للثروة في السودان بإجراءات نحن عازمون على إيقافها.

• ما هي إجراءات الإنقاذيين التي مارسوها لتدمير الزراعة؟
أولا في مناطق الزراعة أو الإنتاج أشعلت الحروب، بدليل أن أي مكان فيه زراعة هو ساحة حروب الآن، ثانيا استهدفت المزارع والمنتج فأثقلتهم بالضرائب التي جعلت الزراعة غير مُجزية للمزارع وأصبح يخسر، فضلا عن أنها أصرت على أن يمول المزراع نفسه، فضلا عن عدم وجود أي خدمات زراعية تقدمها دولة محترمة، كذلك أهملت البحوث الزراعية التي تحدد أحسن التقاوي وأفضل الجرعات للتسميد، وهذه أدوار الدولة لتمكن مواطنيها من الزراعة بالمجان. وظلت الدولة الإنقاذية لتحكم فقط، وتتحصل الضرائب والرسوم والجبايات لتدخل جيوبهم ويصرفوها على أمنهم وجيشهم ليحميها.

• وماذا عن السياسات البديلة؟

مؤتمر السياسات البديلة يستهدف القطاعات الإنتاجية والحيوية، بدءا بايقاف الحرب بحلول ترضي المُحاربين لا الجالسين هنا، وما يريدونه هم يجب تنفيذها بالتالي 70% مما يصرف في سبيل الحرب ويستنزف الخزانة العامة يتم تحويله لتمويل الخدمات الزراعية والمزارع، وكذلك إعفاء المدخلات الزراعية من ضريبة الاستيراد، وبالتالي سينتج المزارع وسينافس.
كذلك إيقاف الصرف البذخي في جهاز الدولة، فالإنقاذيون في (الهينة والقاسية) يقيمون لها احتفالا ومشروبات وظروفا بعد الاحتفال، كل هذا السفه سيتوقف.

إذا توقف كل ذلك وهيأنا الظروف للمزارعين ليزرعوا، سيظهر التأثير المباشر، بدليل أن الموجود في الخرطوم سيجد على سبيل المثال ما يتناوله من المنتجات الزراعية واللحوم بسعر بسيط، وبالتالي ستتوفر أموال، والمزارع بعد أن ينتج ويصبح له عائد مُجزٍ يمكن أن يتحسن مستواه المعيشي، وهذا هو الطريق لحل مشكلة التنمية بالبلاد بالتزامن مع الصحة والتعليم.

• ماذا عن التعليم في مؤتمر السياسات البديلة؟
قلنا في البرنامج إن التعليم مجاني، لأنه سينعكس على الحياة المعيشية للناس، وبالتالي إذا كان التعليم مجانيا فيجب مباشرة التوجه نحو تدريب المعلمين، فالإنقاذ أوقفت التدريب فضلا عن عدم صرف المرتبات لـ(تطفيش) الناس ويتجهوا للمدارس الخاصة، التي امتلكوها حتى يستثمروا عبرها فأنشأوا المدارس فندقية كغش فقط للناس بعد أن (قنع) الناس من مدارس الحكومة لعدم وجود الخدمات أو مقاعد أو كتب أو مدرسين.

• وهل ستغلقون المدارس الخاصة؟
لا لن نقول لهم اغلقوها، بل سندعم المدارس الحكومية، استهداءً بالتجربة الراودنية التي كانت بها مدارس خاصة وجميلة على الطراز الإنجليزي وأساتذة على مستوى عالٍ من التأهيل، الحكومة لم تغلقها بل طورت المدارس الحكومية، وأصبح اولياء الأمور تدريجيا يسحبون أبناءهم إلى المدارس الحكومية التي أضحت بذات المستوى والتأهيل، فلماذا يدفعون نقودا والتعليم مجاني، فأصبحت المدارس الخاصة تعمل بالخسارة بعد أن أصبح الطلاب ينتقلون إلى الحكومية، وأصبحوا يدفعون تعويضات للخروج من مدارسهم للمدارس الحكومية.

• والمناهج؟
المناهج تحتاج إلى إعادة نظر بالطبع، فالموجود عبارة عن تدجين ولم يكن تعليما.
• شهدنا أخطاء تفاوضية وتكتيكية، فبرغم شرعية الشارع مفاوضوك هم من ذهبوا إلى الجيش مما أفقدكم المبادرة؟
شكليا لم يكن المفترض أن نفقد المبادرة، ولكن القرار أن يذهب فريق بتصور قوى إعلان الحرية والتغيير، وكان المطلوب أن يسلموه فقط وألا يفتحوا معهم أي تفاوض، وأن ينتظروا الرد ولم تكن هناك مشكلة في إرسال ناس.

وما حدث أن من ذهب (أخذوا وأدوا) مع الجيش، مما دفع الشيوعي لإصدار بيان.
كان المفروض طالما أننا نمثل الإرادة الشعبية والجيش في المقابل جزء من الشعب كان المفترض أن يتحرك إلى المكان الذي نختاره، وهذا لم يحدث.

• خطأ آخر أن وفدكم المفاوض لم يكن من ضمنه عسكريون؟
حقيقة نحن لم نفكر أن المفاوضات ستتطرق إلى الجانب العسكري، لذا لم نستصحب معنا خبرات عسكرية لتتفاوض من منطلق خبرة. ثانيا نحن كنا نتعامل بأن القضية عامة وأي شخص في السودان سواء كان زراعيا أو بيطريا أو عسكريا أو دبلوماسيا لديه الحق أن يتداول فيه لأنه شأن عام، وكان تصورنا أننا نتفاوض مع آخرين ككائنات سودانية وليس كعساكر. لذلك لم نفاوضهم كعساكر بل كمواطنين سودانيين لهم الحق في المشاركة في كل ما يخص الهم العام وفقا لدورهم الذي سيقدموه. ونحن أيضا نسمح لأنفسنا أن نشارك في صياغة الهم العام وتكييفه، دون الرجوع لمهنة كل منا، إلا فيما يقتضيه التركيز على أمر معين مما يفرض وجود الخبرات.

هذا الأسلوب هو ما سيجعلنا نخرج إلى بر الأمان، لأن ما (غطس حجر السودان) أن كثيرين يتصدون لمهام ليست من اختصاصهم، متاح لهم الفرصة أو الظروف أن يقوموا بها، وأقرب مثال أن العساكر يتدخلون في السياسة التي لا تعد نزهة أو هواية، بل فن وعلم واعتبارات أخرى يستطيع ممارستها السياسيون وهم يقومون بها. بالتالي موضوع التخصص والمهنية مهم جدا لينهض السودان.

• خطأ تفاوضي ثالث، بدخولكم التفاوض بالحد الأدنى ممثلا في مجلس سيادي مشترك؟
لا، فالمجلس السيادي ليس سياسيا وهذه من نقاط الخلاف في التفاوض، فالمجلس الذي نعنيه في إعلان الحرية والتغيير هو مجلس سيادي يملك ولا يحكم، بالتالي لا علاقة له بصناعة القرار السياسي، مهمته أن يعكس سيادة الدولة والوحدة الوطنية للدولة، فضلا عن أن كل مكونات الشعب السوداني يجب أن تنعكس في رمز السيادة.. بالتالي القوات المسلحة مكون مهم للدولة السودانية لذا قلنا أن يكون لها وجود رمزي بمعية ممثلين للأقاليم المختلفة، لذا لم يكن هناك ضيرٌ من أن نأتي للمفاوضات بقلب وعقل مفتوح بلا تكتيكات، الناس دخلوا (وما في قلبهم على لسانهم) بشكل واضح. وقلنا أيضا إن الشخصيات التي ستكون في العمل السياسي التنفيذي يجب أن تكون مستقلة عن الأحزاب وكفاءات، وهناك إجماع على أنهم لن يترشحوا وأن يكتبوا تعهدات بذلك حتى لا يعمل أحدهم وفي ذهنه الانتخابات.. سواء في السيادة أو مجلس الوزراء. لكن القوات المسلحة فهمت الموضوع بشكل خاطئ، وأرادوا أن يكون مجلس رئاسي لديه سلطات هو من يضع القرارات ويضع الدستور وهو من يعين ويفصل أي السلطة تكون لديه كرئيس الجمهورية، وهذا نحن مبدئيا لا نريده بل نريد للسلطة أن تتنزل إلى أسفل في مجلس واسع بتمثيل واسع للأحزاب والقوى المجتمعية والطرق الصوفية في البرلمان كجمهورية برلمانية وليست رئاسية.

• حضور ياسر عرمان إلى الخرطوم، فهل سيكون جزءا من فريق التفاوض؟
الجبهة الثورية ضمن قوى الإعلان في كتلة نداء السودان، ونداء السودان مثلهم مثل الكتل الأخرى لديهم ممثلون في التفاوض، إذا قرروا أن يستبدلوا مفاوضيهم يمكن ذلك وهذا حقهم، لكن ستصبح مشكلة إذا طالبوا بزيادة ممثليهم وسندخل في دوامة أخرى؛ أو أن تصبح الجبهة الثورية كتلة مستقلة من نداء السودان، وبالتالي سيقل وزن نداء السودان ويدخلون هم بصورة منفصلة.

• حاليا كتجمع، هل استثمرتم ثقلكم وحالة القبول العام لكم في الاتصال بالحركات خارج قوى إعلان الحرية والتغيير؟
نعم، على صلة وثيقة بهم، واتفقنا بعد التشاور معهم على أنه خلال الفترة الانتقالية تتم معهم مشاورات أو اجتماعات حتى تحسم الأسباب الجذرية للحرب، ونصل فيها إلى توافق واتفاق بعد ذلك تنتفي أسباب الحرب وتصبح جزءا من الوثيقة الدستورية، ثم ننتقل إلى الترتيبات الأمنية، بتجهيز البلد أمنيا لأن الحرب فعلٌ ماضٍ، بالإضافة للإجراءات الفنية المرتبطة بذلك في ظل وجود الحكومة المدنية خلال الفترة الانتقالية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.