حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

وتَاني جََاب سِيرة البُقج!

شارك الخبر

(1)
كَثيرٌ من المُراقبين عندما رأوا مآلات الربيع العربي، قالوا إن السودان ليست لديه عواصم تِقِيه شر ذات قواصم هذا الربيع، إذ يُمكن أن تَحدث فيه تدخُّلاتٌ خارجيّةٌ ويُمكن أن تندلع فيه حَربٌ أهلية، ويُمكن أن يتفرتق حِتّة حِتّة، ولكن كثيرون رأوا أنّ هذا الكلام مُجرّد فزاعة، الهدف منها تخويف النّاس من الإقدام على ثورة تُطيح بنظام البشير، فعندما كَتب الأستاذ الطيب مصطفى ذات مرة قائلاً إنّ المسألة قد تَصل مرحلة أن يَحمل السُّوداني بقجته على رأسه ويهيم على وجه الأرض، قامت عليه الدنيا ولم تَقعد، وجعلوا من بقجة الطيب مَادةً للتّندُّر والسُّخرية، فالطيب ما شاء الله عليه لديه كَثيرٌ من الجمهور الذي ينتظر موقفه ليتّخذ مَوقفاً مُضَاداً، كما لديه الكثير من المُحبين، فهو كَاتبٌ مُثيرٌ للجدل.
(2)
ومَـرّت الأيّام ونجحت الثورة، وأُطيح بالنظام، وبَدَأت حجوة أم ضبيبينة الثورية، فها هو الأستاذ إبراهيم الشيخ الرئيس السَّابق لحزب المؤتمر السوداني المُقتحم للساحة السِّياسيَّة بقوةٍ واحدةٍ قادة قِوى الحُرية والتّغيير يقول لصحيفة “التيار” الصادرة في يوم الخميس 20 يونيو 2019 وفي مُلخص لحوارٍ سوف يُنشر فيما بعد، إنّ السُّودان منطقة مثالية للفوضى ومقصد احتشاد دواعش ومجموعات مُتطرِّفة.. وطالب المجلس العسكري الانتقالي أن يدرك الخَطر والمصير القاتم الذي يتربّص بالسُّودان، وعندها لن يَكون هُناك مَجلسٌ ولا أحزابٌ ولا قِوى تَغيير، (يبقى كل زول ح يكون شايل بُقجته ولافي في الدنيا) انتهى..!
أها يا جماعة الخير دا إبراهيم الشيخ الذي لا يستطيع أحدٌ أن يُزاود على إسهامه في الثورة كفردٍ وقائدٍ لحزب وكرمز لمرحلةٍ.
(3)
بُقجة الطيب لها ظَرفها الزماني، وبقجة إبراهيم لها ظرفها الزماني، ولكن البقجتان يشتركان في المكان وهو السودان.. الطيب يرى أنّ اليساريين و(بني علمان) هم الذين يدفعون بالسودان تجاه البقج.. أما إبراهيم فهو يرى أنّ المجلس العسكري هو الذي يدفع البلاد باتجاه البُقج، ولكن في النهاية كلهم سُودانيون ناس الطيب وناس إبراهيم والبقجة يَاهَا البُقجة، فكل السُّودانيين مُبشِّرون بها إذا سارت الأمور على ما هي عليه، فأن يتّفق الطيب وإبراهيم رغم اختلاف موقفهما السِّياسي فهذا يعني أن ناقوس خطر حقيقي بدأ يدق، والأهم من كل هذا أنّ الأمر لم يعد فَزاعةً، بل هو أمرٌ مُحتملٌ ولا يحتاج لزرقاء اليمامة لترى شجراً يسير!!
(4)
لن نُبالغ وندعو الطيب وإبراهيم إلى اللقاء والعمل سوياً من أجل تجنُّب مرحلة البقج وإن كان هذا ليس مُستحيلاً إذا خلصت النوايا، ولكننا ندعوهما وندعو الكل أن يَستشعر الخَطر القادم، وأن يعمل الجميع كل من خلال مَوقعه وموقفه السِّياسي لتجنيب أهل السُّودان مرحلة حَمل البقج والهيام في أركان الدنيا.
نعم السُّودان بلد الموارد والثروات والثورات، ومساحته تسع لعشرة أضعافه، وخيراته (تفيض نوع نوع) كما جاء في أغنية رُبُوع السُّودان، ولكن إذا سَارَت الأُمور على مَا هي عليه يُمكن أن يَحمل كُل سُوداني وسُودانية بُقجته على رأسه ويَخرج من هذه الأرض الطَيبة كما اتّفق الطيب وإبراهيم، ولكم أن تتخيّلوا امرأة سُودانية لدرجة الكَندكة تَحمل بُقجتها وتدخل مُعسكر النازحين أو اللاجئين في انتظار الترحيل لبلدٍ آخر.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. سترك ورحمتك يا رب.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.