رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل لـ(حوار مفتوح): 2-2

نحن سياسيون ولم نشارك في الحكومة كمقاولة

حوار: ضياء الدين بلال

بجرأة وصراحة تحدث مبارك الفاضل عن مشاركته في نظام البشير قبل سقوطه، موضحا أهدافه ونواياه تجاهها، محملا علي عثمان محمد طه كل ما حدث في السودان بما في ذلك سقوط البشير.. كاشفا عن ملفين من ملفات الفساد سلمهما إلى اللجنة العسكرية السابقة بالمجلس العسكرية.

هل كان يمكن للحكومة أن تسقط ومبارك جزء منها؟
لا لم يكن لها أن تسقط لو مبارك الفاضل جزء منها، لأننا كنا نتابع القضايا ونعمل على كشف كل الألاعيب والقصور الموجود حتى (تنضرب) نحن سياسيون ولم نشارك كمقاولة.
• أي تآمرت دخلت الحكومة، وأردت أن تهزم المشروع أو الحكومة من الداخل؟
نعم هزيمة الأحادية والفساد، وشخصيا ألغيت تراخيص لـ 5 ملايين فدان لدى عبد الباسط حمزة فيها مليون و200 ألف فدان، حيث وجدت تفويضا من رئيس القضاء، ولم أتردد ولم أشاور أحدا في هذه المسألة.. نحن كسياسيين جئنا بهدف محدد أنه في نهاية 2020 سيسلم البشير، وكانت لديّ مهمتان: معاش الناس واعالجها..
• (مقاطعة) في تجربتك للشراكة بماذا فوجئت؟
فوجئت بأن الوضع الاقتصادي أسوأ مما كنا نتوقع وأن أهم قطاع وهو القطاع الزراعي ترك في وضع متردٍّ، إنتاجه ضعيف، وتكلفته عالية والعجز كبير جدا من مليارين إلى 11 مليارا.
• لكن هذه المعلومات كانت متاحة عبر وسائط الإعلام؟
نعم.. لكنها غير مدركة، فمثلا القطاع المروي 5 ملايين فدان، منه أربعة ملايين فدان خارج الدورة الزراعية، المسألة وصلت مرحلة أن إعلام الحكومة يغطي على الوضع بعبارات منمقة كالإنتاج والإنتاجية، والخماسية والثلاثية، لكن عندما تدخل تكتشف أن الملابس الداخلية (مخرومة) بالكامل.
• اسحق فضل الله قال رفعنا مبارك الفاضل عاليا وسحبنا السلم من تحته؟
أنا كنت زعيم المعارضة وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، وقبل ذلك جئت عبر الشعب السوداني منتخبا وكنت وزيرا في حكومة ديمقراطية ثم أسست المعارضة وأصبحت أمينها العام.. هو من جرى ورائي، فأنا لديَّ وضعي، وهو كان يخاف مني إذ كنت معهم في الحكومة ويخافون مني.. وبالتالي من الذي رفع من؟ ومن الذي يعرف اسحق أحمد فضل الله؟ بل من يعرف علي عثمان محمد طه الذي جاءت به الإنقاذ نائبا أول لكنه اجتماعيا وسياسيا لا يملك شيئا.
• تكنّ عداءً شديدا لعلي عثمان.. لماذا؟
لأنه من قام بكل هذا الفساد في البلد، وإلى آخر لحظة هو من (غطس حجر) عمر البشير.. خطاب البشير يوم الجمعة هو من عدله، وهو ما أكده العسكريون بأنهم اتفقوا مع البشير أن يسحب ترشيحه ويحل المؤتمر الوطني ويقوم بإجراءات محددة لكن التعديل قام به علي عثمان.
• منذ الديمقراطية لك حساسية منه؟
لا لا لا.
• الصادق لديه حساسية تجاهه؟
نعم، لكن بالنسبة لنا ليس لنا به علاقة، فقد كان حديثنا مع الترابي وعثمان خالد وأحمد عبد الرحمن وهو كان في الصفوف الخلفية.

كثيرون يقولون إنك مغرور؟

بالعكس أنا شخص متواضع جداً ومعروف ذلك عني ويطالبونني بعمل حرس، وأنا أعتقد أن تلك (منجهة) لا مبرر لها فالشعب السوداني شعب مسالم والإمام عبد الرحمن لم يكن يمشي بحرس لكن الناس تعلمت من الشمولية أن يخلقوا (منجهة) بلا مبرر. أنا شخص أسير بمفردي لكن لدي مواقف تعبر عني.

على الرغم من مواقفك قوى التغيير لم توافق على أن تكون جزءا منها باعتبارك امتدادا للإنقاذ؟

نحن لم نسعَ لأن نكون جزءا منها وضد التحالفات ونكتفي بالتنسيق فقط، بما في ذلك إخواننا في الجبهة الوطنية للتغيير الذين رفعوا معنا مذكرة للبشير في 25 ديسمبر بأن يتنحى، ورفضت أن أكون جزءا منها واكتفيت بالتنسيق، لذا كانت اللافتة حزب الأمة والجبهة الوطنية للتغيير.
لذا نحن لم نسعَ لإخواننا في الحرية والتغيير، وفي جلسة اجتماعية التقينا بقيادات من المؤتمر السوداني وطالبونا بالتوقيع فقلت لهم نحن سنوقع معكم ميثاقا أشمل يكون فيه برنامج متكامل لأن تجربتنا مع الإعلانات السياسية التي تحوي خطوطا عريضة عرفنا عبرها أنها تأتي بخلافات لاحقة، بالتالي ليس لدينا عقدة نقص وفي النهاية ستأتي الانتخابات و(الحشاش يملا شبكتو). المعارضة لم تبدأ مع الحرية والتغيير المعارضة بدأت منذ 89 وأسسناها نحن وحاصرنا النظام سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا.

لكنكم صالحتموه وشاركتم معه؟

نعم، فالتكتيك السياسي يتغير من مرحلة لأخرى، ولا يمضي بنمط واحد، فأول اتفاق مع النظام في جيبوتي قاد لفك الحظر عن الأحزاب بعد حظرها لـ10 سنوات وفتحنا نفاجا للحريات. العمل السياسي ليس نمطاً واحداً وفي العمل السياسي الهدف واحد لكن التكتيكات السياسية تختلف.

هل الشيوعيون لديهم حساسية تجاهك؟

لا أعتقد وعلاقتنا بهم علاقة عملية، وأثناء حديثنا حاليا لدى وفد مجتمع مع الحزب الشيوعي السوداني، وهم يعلمون أنني أقول رأيي بصورة واضحة، وعندما رفعوا راية محاكمة المجلس العسكري وإسقاطه، قلت لهم أنتم اذهبوا إلى المعارضة واتركوا الآخرين يمضون في الشراكة، ولا يجب أن تلزموا الناس بموقفكم، وإذا أردتم الاستمرار في الثورة لإسقاط المجلس العسكري، بينما يرى الآخرون أن ثمة ضرورة في المضي نحو الاتفاق، دعوا كل طرف يأخذ موقفه.
• ظهرت كأنك قريب من المجلس العسكري؟
أنا مع المعقولية والمنطق لكنّ هناك تغييرا حدث ولم يكن ليحدث إلا بانحياز الجيش بعدما ذهبنا له في مكانه وطلبنا منه المساعدة بعد أن تظاهرنا لـ(4) شهور، والجيش وقف معنا وساعدنا وأصبح جزءا من التغيير بالتالي سياسياً ومنطقياً فهو شريك في التغيير. وعملياً التعقيدات الموجودة في المشهد السياسي والأمني تفرض أن يكون معك بندقية لعبور هذه المرحلة.
ولأنني أمتلك خبرة لا أستطيع أن أقول لهم أنتم لستم شركاء، إذن لماذا ذهبنا إليه؟.. لقد كنا نتظاهر في الشارع لأربعة أشهر لكن الشارع ليس كافيا لوحده. لكن الدور الدبلوماسي الخارجي وأهم منه الدور الداخلي في الأجهزة العسكرية والأمنية التي كانت تحمي النظام، فأولاً قامت بتكتيكات لمساعدة الحراك، وأهم تكتيك قام به صلاح قوش فتحه للنافذة الغربية لدخول المواكب بدليل أنه خلال أربعة أشهر كان الموكب يضرب من البداية بمجرد أن يجتمع ألف أو ألفان، ويتشتت إلى تظاهرات جانبية، لكنه الموكب الوحيد الذي دخل بـ 5 آلاف، وأولادنا كانوا في المقدمة ولدينا حالياً مشلول بسبب الإصابة.
صلاح قوش فتح النافذة الغربية حتى يستطيع الضغط ويؤهل الظرف بالتقاء الأجهزة الأمنية وقوش ملم بالدور العالمي والدولي والإقليمي، لأن أي شخص يريد أن يمسك بـ(المرفعين) يجب أن يكون ملما بالدعم الدولي وهنالك جهات أمنية، والدور الدولي كان فاعلا في تشجيع هؤلاء الناس، لأنه كان حديثنا مع الدبلوماسيين ولكي نقنعهم بإيقاف الدعم وقلنا لهم شجعوا عمر البشير يطلع.
وفي النهاية اقتنعوا واتفقوا وقاموا بإرسال سفير دولة غربية، وقالوا له سنقدم حزمة حتى لا تتدهور البلاد فلا تأخذ أي موقف متطرف.
فعلا عقدوا اجتماع ا في الاتحاد الإفريقي بحضور امبيكي الذي عرض أن يذهب إلى البشير، ولكنهم رفضوا، وقالوا له لديك مشكلة مع الشعب السوداني، ولا يثق فيك، ولا بد أن يذهب سفير إفريقي قبل أن يكتمل ذلك تطورت الامور، وتدخلت دولة وقدمت للبشير عرضا بأنه يمكن أن يذهب إلى مسقط واتقفوا معه يوم (8) أن يأتوا له بطائرة ويذهب، وبعد أن وافق رفض، بالتالي الدور الذي لعبته الأجهزة مهم من خلال التواصل على المستوى الدولي والدبلوماسي.
• هل صحيح صلاح قوش كان لديه تنسيق مع بعض القيادات لتأجيج التظاهر؟
قطعاً هناك معلومة صحيحة بأن الجهاز لديه اختراقات في المعارضة وبالتالي لديه أدوات يستخدمها ومصادر على مستوى القيادات، وفي الأحزاب المعارضة لديه أشخاص وأسماء.
• هل حاولوا اختراقك؟
نعم وسعى الأمن قبل ذلك لولدي وكذلك لسكرتير لي وأخذوه، اختراقات مستمرة.
وعندما كنت في القصر نافع ليلا كان يأتي لمكتبي كل يوم ويقوم بتفتيشه، وأنا آخذ حذري والمعلومات ولدي في كمبيوتر محمول، ولا يأخذه شخص غيري وابن أخي. بالمقابل اخترقت مكتب نافع وكنت آخذ المعلومات بالقروش، وكنت أعلم بالحديث والتقارير التي تصله ماذا تقول.
• إذن خوفهم منك كان مبرراً؟
نعم نحن الوحيدون المخترقون لجهاز الأمن، أنا الوحيد (المخترقهم)، ومنذ المعارضة لديّ وحدة أمنية وتأتي لي بكل المعلومات من الداخل، حتى عندما يهجمون علينا في أسمرا، وجاءتني المعلومة، وأبلغت الإريتريين الذين استبعدوا ذلك.
وبالفعل حدث الهجوم بذات التوقيت الذي أخبرتني به وحدتي الأمنية، وفقدنا شخصا واحدا وكان ضابطا.
• في الفترة الأخيرة أيضا كنت تعمل بذات الأسلوب؟
لا يوجد سياسي ليس لديه معلومات، ولازم تعرف عدوك ماذا يفعل، وهذا ليس شريكي بل اتفاق ونمضي لمرحلة أخرى، وتلفوني مراقب وهذه طبيعته.
• المال مهم في السياسة؟
طبعا، الإنقاذ عملت على استمالة الناس بالمال والمناصب.
• نعود إلى قوش؟
صلاح قوش عمره صغير مع عمر البشير، وأتى في زمن صراع، وعندما اكتشف عمر البشير أن الجناح الثاني يعملون ضده فأتى بصلاح قوش باعتباره عدوهم لأنهم صفوه وأدخلوه السجن، فأتى به البشير لكي يصفي هذا الجناح.. وقتها صلاح قدم مذكرة ولم يقابله البشير وقال له: (الناس ديل شغالين عليك كدا)، فكلف البشير اثنين من خاصته للتأكد مما أورده قوش.. وفعلا بعد التقييم قالوا له إن حديث قوش صحيح.
ومنذ ذلك الوقت لم يخرج البشير من بيت الضيافة لعشرة أيام لأنه متخوف من حدوث شيء ما مدبر له، وعندما جاء قوش للقسم قال لهم فليكن في البيت بحضور رئيس القضاء، ولكنهم نسوا صيغة القسم. وسألوا قوش إن كان يحفظه، فقال إنه يحفظه وردده ولكن هناك جزئية ما نسي ما يقال فيها، فأكمل القسم بقوله: (أنا سيدي الرئيس من إيدك دي لي إيدك دي).
• هل كنت مخترقا لمكتب البشير أيضا؟
بالطبع أنا لدي معلومات من كل هذه المصادر، لأنه يجب أن أعرف ماذا يدور، بالمال والعلاقات.
• ما صحة أنه لولا صلاح قوش لما اكتملت هذه المسألة؟
فعلا صلاح لعب دورا كبيرا.
• لماذا تمت الإطاحة به؟
لأن الجناح الذي انتصر يظن أن له طموحا ويجب أن يحد من هذا الطموح، وأنا لا أعتقد أنه خرج من المشهد، بل قوش موجود الآن في الانتظار.
• هل يمكن أن يعود الإسلاميون مرة أخرى؟
من الممكن لأن لهم وجودا، ويمكنهم أخذ بعض الدوائر، ولكنهم لن يعودوا بالشكل القديم.
• هل يمكن أن يتحولوا للعنف؟
نعم، حال وجدوا أن الوضع ذهب في اتجاه فوضوي، ويمكن أن يدخلوا بين الجيش والدعم السريع ويقودوا الأمر إلى صراع مسلح، لأن الدعم السريع حاليا هو الترياق المضاد لهم، ويحول دون أن يلعبوا بالأجهزة الموجودة.
• كيف ترى الدور الإقليمي في الشأن السوداني؟
الدور الإقليمي مهم، ولعب دورا في أن يشجع القوات المسلحة للانحياز للحراك السلمي فضلا عن إمساكهم عن دعم البشير في اللحظات الأخيرة.
والآن الدور السعودي الإماراتي المصري مهم جداً في عملية سند الوضع الاقتصادي والديمقراطي للبلد.
• هل لديهم حساسية تجاه الديمقراطية في السودان؟
لا أعتقد أن لديهم موقفا ضد الديمقراطية، بل لديهم موقف من أن الديمقراطية في السودان لم تكن خصما على العلاقة مع هذه الدول.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.