دمج هيئة العمليات بالأمن فى الدعم السريع.. هل بدأت الهيكلة؟

الخرطوم: عبد الباسط إدريس

تقارير إعلامية تتحدث عن دمج هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن في قوات الدعم السريع، وأنها نالت حظاً من الاهتمام وتم تداولها بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، لتعيد المؤسسة الأمنية إلى عمق دائرة الضوء من جديد، خصوصاً وأنه مع انتهاء حقبة المخلوع البشير، صعد عدد من الناشطين حملة ضارية تطالب بحل جهاز الأمن الوطني، وهي المطالبة التي لم تجد أذناً صاغية من قيادات المعارضة التي ظلت تقف خلف الاحتجاجات الشعبية طيلة الأشهر الماضية.. فما الذي يحدث؟

تفاصيل اخرى
ذكر عدد من رموز المعارضة، أن المطلوب إعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني على نحو يخدم أهداف ومصالح البلاد العليا، وليس حل الجهاز.. في وقت حذر فيه عدد من الخبراء العسكريين من خطورة مثل هذه الدعوات، متهمة جهات خارجية بالوقوف خلفها لأسباب ودوافع يجب أن تكون معلومة للسودانيين .
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر وصفتها بالموثوقة بأن قرار سيصدر خلال يومين بنقل تبعية هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات السوداني إلى قوات الدعم السريع.
وتكونت هيئة العمليات في العام 2005م على يد مديرها السابق الفريق صلاح عبد الله “قوش” لدى ترؤسه الجهاز في فترته الأولى واستمر عملها حتى اليوم..
وتتكون هيئة العمليات من 12 ألف مقاتل وتنتشر في مواقع مختلفة بالخرطوم وفي عدد من الولايات الأخرى.
وشاركت هذه القوات من قبل في عمليات ومعارك لمحاربة التمرد في ولايات حدودية، إلا أن بعضها مارس قتلاً وعنفاً خلال الاحتجاجات الأخيرة على المتظاهرين، مما أجج الشارع على جهاز الأمن وزادت المطالبات بحله بسبب هذه القوات.
تنوير سري
قبل ذلك نقلت تقارير إعلامية عن مصادر لم تسمها، أن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان حميدتي، أكد لدى مخاطبته تنويراً لقيادات وضباط جهاز الأمن بمختلف الرتب العسكرية بالخرطوم الأسبوع الماضي، أن المجلس العسكري سيعمل على حماية وتنفيذ الاتفاق الذي سيبرم بينه وقوى إعلان الحرية والتغيير لإدارة الفترة الانتقالية عبر حكومة كفاءات تضم مستقلين، لتهيئة البلاد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وذكر المصدر لموقع إخباري أن الفريق أول حميدتي أكد لضباط الأمن الاتجاه لإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية وعلى رأسها جهاز الأمن الوطني، على نحو يجعل من تلك المؤسسات أكثر قومية لتأدية واجباتها الوطنية، مشيداً بكفاءة عناصر الأمن الوطني.

هيئة العمليات
ولم يعرف حتى الآن عن هيئة العمليات الكثير من التفاصيل سوى أنها من أهم الإدارات التي تتبع لجهاز الأمن الوطني، حيث تضم بداخلها قوة ردع عسكري للقتال باحترافية إلى جانب القوات المسلحة، والتشكيلات النظامية الأخرى لمواجهة التمردات المسلحة..
وسبق للهيئة التصدي لمحاولة حركة العدل والمساواة للاستيلاء على السلطة بمحاولة دخول العاصمة الخرطوم في مايو عام 2008م..
إنشاء الهيئة لم يكن بسبب التحديات الأمنية التي واجهها النظام السابق فقط، بل جاء تشكيل الهيئة لأسباب ظرفية أيضاً حيث توسع مجال عملها في حفظ الأمن عبر قطاعاتها المتعددة بالعاصمة والولايات، إلى جانب عملها في تأمين مصادر الاقتصاد والدخل القومي، ممثلة في حماية المنشآت النفطية وعملية إنتاج وترحيل النفط، والانتشار الواسع في حقول ومناجم التعدين بالبلاد، خاصة مراقبة الأنشطة المتعلقة بإنتاج الذهب.
لكن الاحتجاجات الأخيرة التي تفجرت منذ ديسمبر الماضي، دفعت كثيراً من المعارضين ووسائل الإعلام لاتهام هيئة العمليات بجهاز الأمن بالوقوف خلف قمع تلك الاحتجاجات والتنكيل بالمتظاهرين السلميين. وأصدرت قوى إعلان الحرية والتغيير منتصف إبريل الماضي بياناً دعت فيه إلى ضرورة إعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني، ليصبح جهازاً خاصاً بجمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للقيادة السياسية دون اشتراطات. ودعت للتحفظ على كل قيادات الأمن والاستخبارات العسكرية ممن أسمتهم قوى الحرية والتغيير –أصحاب السمعة السيئة- التي تجبرت وأعطت الأوامر على مدى 30 عاماً، وتقديمهم لمحاكمات عادلة.

لماذا الهيكلة؟
يقول المحلل السياسي سعيد معروف في حديثه لـ(السوداني) إن الحديث عن دمج هيئة العمليات بجهاز الأمن داخل قوات الدعم السريع، غير منطقي لجهة أن الأخيرة كانت تتبع للأمن مع بداية تكوينها.
ويلفت معروف إلى أن الدعم السريع تضم في تشكيلها الحالي ضباطاً وأفراداً من جهاز الأمن وحتى من القوات المسلحة أيضاً.. لكن معروف يرى أيضاً أن الحديث عن إعادة هيكلة القوات النظامية يجب أن يقابل بقدر من الاجتهادات العلمية وأن يترك أمرها للعسكريين عقب إجراء المعالجات السياسية اللازمة لقضايا الحرب والسلام، والاستقرار السياسي.
ويقول إنه حال تمت تلك المعالجات، تصبح إعادة الهيكلة أمراً ضرورياً لتتطابق وضعية القوات النظامية مع أوضاع البلاد المستقرة حيث تنتفي الحاجة لتعدد المؤسسات الأمنية والعسكرية ويصبح أمر هيكلتها وتوفيق أوضاعها أمراً ضرورياً لخفض الإنفاق العام، خاصة وأن النظام السابق بدوافع تعقيدات الأوضاع الأمنية ظل ينفق على القطاع الأمني والعسكري بما يفوق إنفاقه على كافة القطاعات الخدمية والتنموية الأخرى، وهو ما يرى سعيد معروف أنه ظاهر في كافة الميزانيات التي جرى وضعها وتنفيذها خلال حقبة المخلوع البشير.

محاذير ومخاطر
بالمقابل حذر الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية الخير المبارك في حديثه لـ(السوداني) من مغبة إعادة تكرار تجربة حل جهاز الأمن، عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الراحل جعفر نميري عام 1985م التي قال إنها أثرت بصورة واضحة على مصالح السودان، وعرضت أسراره الكبيرة للبيع والشراء.
ويتفق الخير مع ضرورة المساءلة والمحاسبة القانونية، لأي انتهاكات وعمليات قتل تعرض لها المتظاهرون وتقديم الجناة للمحاسبة سواء كانوا جنوداً أو ضباطاً وقادة دون أدنى تأثير على تماسك القوات النظامية.
وشدد مبارك على ضرورة عدم العمل على خلخلتها، بإجراءات غير مدروسة، واتهم الخير –جهات خارجية- لم يسمها قال إنها تقف وراء مخطط إضعاف القوات النظامية السودانية، لخدمة أهدافها، ودعا القوى السياسية إلى ضرورة الانتباه لذلك، لتجد سوداناً قوياً تستطيع حكمه بالطريقة التي يتوافق عليها السودانيون.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.