التركيز الأمريكي على السودان .. ما وراء الاهتمام

الخرطوم: وجدان طلحة

المبعوث الأمريكي الخاص للسودان دونالد بوث وصل البلاد أمس الأول، وأعلن رغبة أمريكا بانتقال السلطة إلى المدنيين، مؤكداً مساعدته في الوصول إلى اتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية، كاشفاً عن أنه تناول مع رئيس المجلس العسكري تطورات المباحثات بين الفرقاء السودانيين، مؤكداً أن الشعب السوداني انتظر هذه اللحظة كثيراً.
الزيارات المتكررة للمسؤولين الأمريكيين إلى الخرطوم، فرضت العديد من الاستفهامات عن مبررات ازدياد اهتمام أمريكا بالسودان خلال الفترة الماضية؟..

زيارات وتصريحات
في الفترة الماضية ظهر اهتمام واضح من واشنطن بالخرطوم وحضر أكثر من مسؤول إلى السودان ملتقياً بأعضاء المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير..
وقبل فترة زار مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون إفريقيا تيبور ناجي السودان، قبل أن يغادره إلى عواصم أخرى، مطلقاً منها تصريحات وصفت بالمهمة، حيث أكد ناجي دعم بلاده للاتفاق بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، موضحاً بأنها لن تتدخل في صياغة تفاصيل الاتفاق، مؤكداً أن مطلب السودانيين الحكومة المدنية.
ناجي التقى خلال زيارته بقوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، وبعض ضحايا فض الاعتصام، واصفاً حينها رواياتهم بالـ(مروعة)، مطالباً بإجراء تحقيق مستقل، وتخوف أن يؤدي فشل المفاوضات إلى نزاعات.
أيضاً أجرى نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل اتصالاً هاتفياً مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مشدداً على أهمية نقل السلطة لحكومة مدنية فى السودان عقب ما وصفه بـ(القمع الوحشي) للمعتصمين أمام مقر قيادة الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.

مواقف وتصريحات

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس في بيان إن المسؤولين بحثا (الحملة الوحشية ضد المتظاهرين المسالمين من قبل المجلس العسكري الانتقالي السوداني)، وأضافت أن هيل شدد على أهمية نقل السلطة من المجلس العسكري الانتقالي إلى حكومة بقيادة مدنية وفقاً لإرادة الشعب السوداني.
مستوى الاهتمام الأمريكي بالشأن السوداني لم يسقط من أطراف المعادلة نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو الذي حظي بأول لقاء دبلوماسي مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالسودان ستيفن كوتسيس بالقصر الجمهوري في إبريل الماضي، أكد فيه كوتسيس أهمية التعاون بين البلدين، واطلع على مبررات تشكيل مجلس انتقالي والإجراءات التي اتخذت لضمان استقرار البلاد.
مايو الماضي دعا 92 عضواًً بالكونغرس الأمريكي الإدارة الأمريكية بالتدخل من أجل تسريع انتقال السلطة في السودان لمدنيين، وبحسب تصريح صحفي أكد الأعضاء في رسالة موجهة إلى وزيري الخارجية والخزانة الأمريكيين بدعم من عضوة مجلس ولاية آيوا “السودانية الأصل” مزاهر صالح أن المجلس العسكري الانتقالي لا يلبي تطلعات الشعب السوداني التي تم التعبير عنها بوضوح من خلال الأشهر الماضية، مطالبين الإدارة الأمريكية بربط الشراكة مع السودان بانتقال السلطة لقيادة مدنية، داعين السعودية والإمارات إلى إيقاف الدعم المادي عن المجلس العسكري حتى لا يتشجع المجلس في تأخير عملية نقل السلطة للمدنيين.

موقع استراتيجي
الخبير العسكري عثمان بليه أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن اهتمام واشنطن بالخرطوم لموقعها الاستراتيجي في المنطقة، وقال السودان مؤثر وله نفوذ، واستقراره سيجعل أمريكا مطمئنة لمصالحها بالإقليم.
بلية قال رغم أن نظام المخلوع جاهر بعدائه لأمريكا، لكن المشاكل التي عانى منها السودان سببها دول أخرى، مشيراً إلى أن أمريكا ظهرت بثوبها الجديد وبشرت برفع العقوبات بعد الانتقال إلى الحكومة المدنية.
وحول ما تردد عن الدور الخفي الذي لعبته أمريكا في إسقاط النظام البائد، أكد بلية أنها ضد الحكم الانقلابي وربما كان دورها غير مباشر لأنها تعمل بـ(الوكالة).
عدم ثقة
في العاشر من إبريل الماضي زار القائم بالأعمال الأمريكي ميدان الاعتصام أمام القيادة العامة، التف حوله الثوار وتبادل معهم الحديث. الثوار أكدوا أن مطالبهم هي (حرية، سلام، عدالة) وسيقدمون أرواحهم من أجلها. بعد سقوط النظام البائد زار استيفن كوتسيس الميدان للمرة الثانية وتناول إفطار رمضان مع الثوار، بعد أيام أصدرت الخارجية بياناً للسفارات والمنظمات والبعثات طالبتها بعدم التواجد في ميدان الاعتصام ومداخل ومخارج الجسور وأمام الاعتصام والاحتجاج بالولايات.
الخبير العسكري عبدالرحمن أرباب أشار في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن عدم استقرار السودان من مصلحة أمريكا، وأضاف: أمريكا لا تساعد السودان بل تقف ضد أمنياته مستدلاً بوعودها السابقة والتي أدت إلى انفصال الجنوب، ووصف الضغوط التي تمارسها على العسكري بأنها فعل تكتيكي مرحلي.
أرباب قال إنه لا يثق في وعود أمريكا بأنها سترفع العقوبات عن السودان، وقال إنها تعمل لمصلحتها وتقول خلاف ما تفعل، مشيراً إلى أنها كانت ترغب في إسقاط النظام البائد إلا أنها تتخوف إلى ما بعد المرحلة.

مبدأ المصالح
الخبير الأمني فضل الله برمة ذهب في حديثه لـ(السوداني)، إلى أن العلاقات بين الدول تربطها المصالح وأمريكا تتطلع إلى علاقات مستقبلية مع السودان، وأضاف: اهتمام أمريكا بالسودان لأن موقعه استراتيجي وعدم استقراره ستتضرر منه الدول الإفريقية والعربية.
برمة قال أمريكا دولة عظمى ولا داعي لـ(مناطحتها) كما فعل نظام المخلوع. وأضاف: يجب أن يتم التعامل معها بمبدأ المصالح لأنها يمكن أن تؤثر في قرارات المنظمات العالمية، داعياً إلى إعفاء ديوان السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب لأن المواطن هو المتضرر من هذه العقوبات، إذا تم الاتفاق وانتقل من الديكتاتورية بلا شك سترفع العقوبات، ونحن لا نريد فقط رفع اسمه بل شطب الديون.
من جانبه أكد المحلل السياسي الحاج حمد لـ(السوداني) أمس، أن أمريكا لديها مصالح استراتيجية وتاريخية مع السودان وكانت تعتبر وجود العسكريين مهدداً أمنياً، مشيراً إلى أن النخبة السياسية في واشنطن كانت ضد النظام البائد.
حمد أوضح أن الضغط الذي واجهه المجلس العسكري من أمريكا لتحويل السلطة إلى مدنية ليس وقوفاً مع الحرية والتغيير ولكن من أجل مصلحتها لعدم رغبتها في وجود العسكريين بالحكم، كما أن عدم الاتفاق يمثل مهدداً لمصالح أمريكا، مؤكداً أهمية أن تتعامل الحكومة القادمة بندية مع أمريكا وإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية والبعد عن السياسة التي انتهجها نظام المخلوع.
السفير السابق الرشيد أبوشامة، أكد لـ(السوداني) أمس، اهتمام أمريكا بالسودان لجهة أن بعض أعضاء الحرية والتغيير موجودون بأمريكا وتربطهم علاقات جيدة بأعضاء مؤثرين في الكونجرس الأمريكي. وأضاف: داخل السودان في ناس شغالين لأمريكا، مؤكداً أن أمريكا تنظر لمصالحها في الإقليم عبر استقرار السودان لأنه إذا لم يستقر ستحدث حروب أهلية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.