الشرطة في الشارع.. سؤال الوجود وسر الغياب

الخرطوم: محمد أزهري

تساؤلات عديدة طرحها الشارع عقب سقوط نظام البشير في الحادي عشر من أبريل الماضي، عن غياب الشرطة من الطرقات العامة، لتحل محلها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، وتقوم بأدوارها في حفظ الأمن الداخلي.
رغم انسياب العمل بأقسام وإدارات ومرافق الشرطة بصورة طبيعية إلا أن التساؤلات ارتكزت حول أسباب غيابها عن الارتكازات في الطرقات العامة كما في السابق، وذهب الكثيرون يتساءلون هل غيابها قسري أم اختياري؟

قوات بديلة
يلاحظ شركاء الطرق بالعاصمة الخرطوم وجودا كثيفا لقوات الدعم السريع والجيش في الارتكازات والمواقع الحكومية المهمة، منذ سقوط نظام البشير، وهي تسهم بشكل أو بآخر في عملية حفظ الأمن الداخلي المنوط به قوات الشرطة، ولأن الحالة الأمنية التي تمر بها البلاد فرضت وجود هذه الوقوات ظل المواطن يتساءل.

تطور
بما لا يدع مجالاً للشك فإن الشرطة السودانية قد شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، في كل مجالات العمل الشرطي وسخّرت وزارة الداخلية كافة الإمكانيات لتدعيم القدرات البشرية والتأهيل والتدريب وتوفير المعدات والمعينات والآليات والأجهزة المواكبة للتطور وذلك من خلال عدد كبير من المشروعات، وبالتالي كان غيابها عن المشهد في الفترة الماضية مثار تساؤلات المواطنين والمراقبين الأمنيين. ومن جهة ثانية فإن ليس هناك قوة أمنية تستطيع أن تشغل مكان الشرطة لتخصصها وقدرتها العالية في عمليتي منع وكشف الجريمة، فهي تمنعها بانتشارها الكثيف في الطرقات ودورياتها الليلية وارتكازاتها بجانب خطها المجاني (999)، وتكشفها بكادرها البشري المُدرب وأجهزتها المتطورتها بأحدث التقنيات باستخدام أحدث الوسائل العلمية في مجال فحص الحامض النووي DNA، بالمعامل الجنائية وتقنيات الصورة والصوت الرقمية في التحقيق لتحديد هوية الجناة والمجني عليهم إضافةً إلى الإحصاءات الإلكترونية لمعتادي الإجرام ودراسات علمية للجرائم الغريبة والشاذة في المجتمع مع إصدار النشرات الجنائية عن المطلوبين والمفقودين في ظرف وجيز، هذا ما أهل السودان ليكون مركزاً إقليمياً للمعامل الجنائية.

ما قبل 11 أبريل
نظام الإنقاذ المُباد كان قد عمل على توجيه الشرطة (جناح العمليات) للعمل لصالحه واستخدمها في عمليات كبح التظاهرات الشعبية التي خرجت تنادي بسقوط نظام البشير، هذا ما زاد الهوة بينها والمواطن واتخذها عدواً لدوداً لدرجة جعلت بعض المتظاهرين يحصبونها بالحجارة كل ما سنحت لهم الفرصة إبان الاحتجاجات الأمر الذي أسفر عن سقوط أحد أفرادها قتيلاً بحي الصحافة وإصابة عدد كبير منهم، هذه الحالة ربما عززتها الانتهاكات التي جرت بزي الشرطة خلال الاحتجاجات، الأمر الذي دفع ضباط الشرطة نفسها من رتبة نقيب فما دون يستنكرون استخدام زي الشرطة، وأشاروا إلى ذلك في مذكرتهم الشهيرة التي رفعوها لقيادة الشرطة السابقة بخصوص الإضراب الذي نفذوه أبريل الماضي.

الشرطة موجودة
مصدر شرطي رفيع – فضل حجب اسمه – قال لـ(السوداني) إن الشرطة موجودة في كل مكان الآن وتؤدي واجبها على أكمل وجه بمهينة عالية، وأضاف إن غيابها في الفترة الماضية كان لأسباب معينة فرضتها الحالة الثورية، بجانب أن اللجنة الأمنية قبل سقوط النظام رأت أن تحيد قوات الشرطة والأمن وتبعدهما من الاحتكاك مع المواطنين، على أن يتولى الأمر الجيش والدعم السريع، لقدرتهما اللوجستية للسيطرة على أي عمل تخريبي، أو مواجهات كانت متوقعة.
وأكد المصدر على أن الشرطة الآن تؤدي مهامها في الأقسام والإدارات العامة المتخصصة وهي في حالة استعداد وجاهزية للسطرة على أي حالة من الانفلات الامني، موضحاً أن الشرطة رغم سحبها عن المشهد عقب سقوط النظام إلا أنها كانت تقوم بدورها كاملاً في عملية منع الجريمة ممثلة في أفراد مباحثها بالزي المدني.

وذهب المصدر في حديثه للصحيفة إلى أن الشرطة تؤدي واجبها تماماً إذ تعمل شرطة المرور في التقاطعات والطرقات وتقدم التوعية المرورية والإرشاد لشركاء الطريق وتحرر المخالفات للذين يقعون في أخطاء كبيرة، وأضاف أن مجمعات خدمات الجمهور تواصل عملها الذي لم ينقطع حتى أيام التظاهرات، فضلاً عن عودة الدوريات الليلية بالسيارات والسواري، والأرجل والدراجات النارية بصورة طبيعية، بجانب استجابة الدفاع المدني والنجدة لكافة البلاغات كانت (شغالة) حتى في أيام الأزمة رجعت (عادي) والدفاع المدني يستجيب لكل البلاغات.

وختم المصدر حديثه بأن وجود قوات الدعم السريع والجيش في الطرقات لم يقلل من دور الشرطة في حفظ الأمن الداخلي بل يعزز من تحقيق الأمن، مشيراً إلى أن هناك أعمالا فنية لا تجيدها إلا الشرطة، لافتاً إلى أن وجود الدعم السريع والجيش كقوات ضاربة فيه رسالة أمنية قوية لكل من يريد العبث بأمن واستقرار البلاد.

أول دفعة في العهد الجديد
ما بين تساؤلات الشارع عن غياب الشرطة وإجابات الشرطة عن الحضور، برهنت الأخيرة بتخريج دفعات جديدة من المستجدين قوامها (1122) جندي بيادة، أمس الأول بمعسكر إبراهيم شمس الدين، وقف عليها نائب مدير عام الشرطة – المفتش العام – الفريق الطريف إدريس دفع الله.

وحسب المكتب الصحفي للشرطة، فإن رئيس هيئة التدريب بالشرطة الفريق عماد خلف الله محمد خير، قال إن الشرطة جاهزة ومستعدة للقيام بأعمال الأمن الداخلي، مضيفاً أن الدفعة المتخرجة هي الأولى في عهد التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد، مؤكداً أن الدفعات المتخرجة تمثل إضافة حقيقية لحفظ الأمن والاستقرار بولايات البلاد المختلفة، موضحاً الجنود تزودوا بالمهارات الفنية في مجال العلوم العسكرية والثقافية والقانونية بجانب علوم الحاسوب.
ودعا خلف الله المتخرجين إلى الحرص على خدمة الوطن والمواطن وتطبيق القانون بالعدل والشفافية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.