حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

السودان ومصر في أُسبوعٍ!

شارك الخبر

(1)
في الأسبوع المُنصرم، قَرأت خبراً في صحف الخرطوم ورد بعدة صيغٍ، أكثرها تردُّداً أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرّر إعفاء الطلاب السودانيين من (90%) من رسوم الدراسة الجامعية، كما وردت صيغة أخرى تقول إنّ الإعفاء ينسحب على كل الطلاب الأجانب الذين يودون الدراسة في مصر.
على كلٍّ، أعتقد أنّ هذا القرار لا يَهم السودانيين كثيراً، فرغم عدم إنكارنا لفضل مصر على التعليم في السودان، إذ أنّه في يَومٍ من الأيّام كَانَ عَدَدَ الطلاب السُّودانيين بالجامعات المصرية وفي مُختلف التَخَصُّصات أكثر من عَدَد الطلاب في الجامعات السودانية و(فوق البيعة) البعثة التعليمية المصرية المتوجة بجامعة القاهرة الفرع في السودان.. ولكن الآن الجامعات في السودان على قفا من يشيل، وقد أصبح السودان قبلةً لكثيرٍ من الدول المُجاورة في التعليم الجامعي، لا بل هناك طلاب مصريون كثر ولأسباب مُختلفة يدرسون بالسودان.. لقد أصبح السودان الآخر يستثمر في التعليم الجامعي وما فوقه.
فالسؤال لماذا هذا القرار من الرئيس السيسي، ولِمَاذا تَمّ إبرازه بهذه الصورة في الصحف السُّودانيّة؟ هل هو عدم الاِستقرار في الجامعات السُّودانيّة؟ هل هذه الجامعات السُّودانيَّة إلى زوالٍ؟ هل السُّودان مُرشّحٌ لاضطرابات؟ هل.. وهل..؟!
(2)
في الأسبوع المُنصرم، قَامَت الدُّنيا ولَم تَقعد في السودان بسبب الطالب الجامعي السوداني الذي استغل فُرصة إغلاق جامعته وذهب إلى مصر ليتعلّم لغة ألمانية (بالمُناسبة توجد لغة ألمانية بالجامعة الوطنية في الخرطوم)، هذا الطالب الوليد عبد الرحمن تَجَنّى عليه الأمن المصري، إذ فرض عليه نَصّاً باللهجة المصرية يعترف فيه بأنّه إرهابيٌّ قادمٌ من السودان، وقدّمه لعمرو أديب ليعرضه على الشاشة ويَعمل فيه لسانه (الزفر) بالإضافة لتعذيبه، فَهَاجت الخرطوم ومَاجَت مُطالبة بإطلاق سَراحه، فَتَجَاوَبت وزارة الخارجية مُمثلةً في سفارة السودان بالقاهرة وبذلت جُهداً كَبيراً، ووفِّقت في إخراجه من الزنازين المصرية وعاد إلى أهله ليصبح نجماً على شاشة الإعلام السوداني ولعدة أيّام.. فألف حمد الله على سلامته.
(3)
فِي مَطلع هذا الأسبوع، انتهت اجتماعات وزراء الري والموارد المائية لدُول حَوض النيل الشرقي لمُناقشة آخر تَطوُّرات سدّ النّهضة، إلى فشلٍ بائنٍ، حَيث أَصَرّت إثيوبيا على التّحَكُّم في تشغيل السد وحدها وملئه في المُدّة التي تَرُوق لها، ورَفَضَت مصر هذا فوقف السودان وسيطاً بينهما.. إنّ سد النهضة أصبح حقيقةً قائمة.
وفي تقديري، إنّ مَطالب مصر مشروعة، فقد طالبت بأن يملأ السد في فترة أقلها سبع سنوات حتى لا يؤثر ذلك على إيراد النيل إليها، وطالبت بأن لا يقل ارتفاع الماء في السد العالي عن 165 سنتيمتراً حتى لا تخرج أراض مصرية عن الزراعة، وطالبت بأن يُدار السد جماعياً كي لا يُؤثِّر سلبا على الدول الثلاث.. ومن ناحيةٍ إجرائية طالبت بتدخُّل طرفٍ رابعٍ في المُفاوضات لكي تُحل نقاط الخلاف دبلوماسياً حتى لا يتم اللجوء لخياراتٍ أخرى.
في تقديري، إنّ موقف السودان يجب أن يكون مُتطابقاً مع الموقف المصري، وَكَانَ ينبغي أن يُحدِّد هو الآخر سََقفاً أدنى لارتفاع المياه في سُدُوده ويُطالب بأقصى ضَمَانات لتفادي مَخاطر السد.. نعم الوساطة بين الأشقاء عَملٌ مَطلوبٌ، ولكن مع عدم التفريط في الحُقُوق.!
فيا مصر (انظر الفقرتين 1 و2 أعلاه) والشرح الكثير يفسد المعنى..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.