(21)أكتوبر.. (لا) للمؤتمر الوطني ولا (عفو)

الخرطوم: شهدي نادر

جديد لا تبدو الخرطوم فيه كما اعتاد أن يراها أهلها، فدعوات متنازعة بين نشطاء ومحسوبين على النظام البائد إضافة إلى دعوة من قوى الحرية والتغيير للخروج في 21 أكتوبر تسببت في أن تكون الطرق إلى قلب العاصمة مغلقة بأمر القوات المسلحة أمام القيادة العامة للجيش وشارع النيل وشارع القصر، ما تسبب في اكتظاظ مروري واختناقات صباح أمس (الاثنين) الذي يعني الذكرى الـ”55″ لأول ثورة شعبية في العالم العربي.
اللافت في البيان المشترك للجنة العمل الميداني بقوى الحرية والتغيير، تسيير الموكب في ذات مواقيت المواكب الاحتفالية التي اعتاد عليها الثوار.

منذ ما بعد فض الاعتصام
أُعلنت انطلاقة المواكب في الرابعة عصرا مع تحديد مسارات المواكب في العاصمة المثلثة والولايات كذلك. ولخص البيان أهداف الموكب في إحياء ذكرى الانتفاضة ودعم الحكومة الانتقالية، وتفكيك النظام البائد، وتصفية مؤسسات الدولة من المحسوبين على نظام الرئيس المعزول، فضلا عن حل حزب المؤتمر الوطني.
في مقابل دعوات نشطاء لتصحيح مسار الثورة السودانية وأولها تلك التي انطلقت بدعوى تسيير موكب في الـ(21) لتصحيح المسار، كما انطلقت دعوات من محسوبين على النظام السابق رافعين شعار تصحيح المسار والمطالبة بالمدنية الكاملة مع رفض علمنة الدولة.

ممنوع الاقتراب
منذ أمسية الأحد أعلنت القوات المسلحة إغلاق كل الطرق حول القيادة العامة، وذكرت في بيان لها حمل توقيع الناطق الرسمي العميد عامر محمد الحسن، أنه انطلاقا من انحياز القوات المسلحة للثورة وتأسيسا على أهمية التعبير السلمي وصيانة مناخ الديمقراطية وتعبيرا عن ابتعاد الجيش عن الممارسات السياسية، فإنه يجب ابتعاد التظاهرات عن المواقع والمقار العسكرية بولاية الخرطوم والولايات الأخرى حفاظا على نهج القوات المسلحة في الحياد، داعيةً المواطنين للابتعاد عن نقاط التأمين في شارع الجيش، والنقاط الفرعية على الطرق المؤدية إلى الشارع خلال توقيت إغلاقه المحدد في من السابعة صباح الاثنين وحتى الخامسة من مساء اليوم، في وقت دعت فيه الشرطة السودانية إلى تفويت الفرصة على أصحاب الغرض والأجندة الذين لم تحددهم في بيان، لانحراف تلك التجمعات عن أهدافها المشروعة وخلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني المُفضي لعواقب غير محمودة، كما طالبت الجهات والتنظيمات السياسية والمجتمعية أن تلتزم بالمطلوبات اللازمة لإقامة وتسيير المواكب والمسيرات والالتزام بالمسارات والمواقيت، بغية تأمين وحماية تلك التجمعات.

السترات الخضراء
رغم أن قوى الحرية والتغيير حددت الرابعة عصرًا موعدا، إلا أن التوقيت الذي ألفه السودانيون منذ ديسمبر كان الواحدة “توقيت الثورة” لذا اختاره ناشطو السترات الخضراء، موعدًا للموكب الذي دعوا له، ليتداعى له المئات من الشباب ممن ارتدوا “سترة خضراء” في منتصف المحطة حيث خاطبوا الثوار، شارحين الهدف من دعوتهم والتي صاغوها في مذكرة ساروا بها نحو القصر الجمهوري، حيث تم تسليمها لقائد قوة التأمين التي أغلقت الشوارع حول القصر الجمهوري، ليختاروا أحدهم لتلاوتها على مسمع الجميع بمشاركة إحدى الكنداكات.
وتتلخص مطالب المذكرة في حل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة، والملاحقة القضائية لكل المتورطين في انقلاب الـ(30) من يونيو 1989م بتهمة تقويض النظام الدستوري.
ليأتي التعليق مكتوبا من قبل رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان الذي رد على المذكرة، بحسب الناطق باسم السيادي محمد الفكي، بالقول: إن “المطالب التي قُدِّمت مشروعة، ويجب على الجميع العمل عليها، مضيفا أنه تابع المسيرة بتقدير كبير، وقد أكدت الروح الوطنية الحقّة والحرص التام على الممارسة السليمة والسلمية، شاكرًا الشباب على تقديم نموذج وصفه بالراقي.

النيابة في الموعد
بأسلوب لم يعتده السودانيون حتى آخر المواكب التي اتجهت إلى القصر الجمهوري لتعيين رئيس القضاء والنائب العام، الذي تم تعيينه مؤخرًا، ووجه الموكب الأول في عهده بتوجيه إلى رئاسات النيابة العامة بالخرطوم والولايات بالنزول مع القوات الأمنية والاضطلاع بمسؤوليتها في حماية المواكب وصيانة السلامة العامة، وهو ما برز بشكل لافت في عدم اعتراض القوات الأمنية لأيٍّ من المواكب المطلبية التي التزمت السلمية ديدناً منذ انطلاق الحراك الجماهيري، حيث لم تسجل أي حالات اعتراض من قبل الأطقم الأمنية المنوط بها حفظ النظام، لجهة حضور وكلاء النيابة وسلمية المواكب.
في وقت لم يكن فيه بمقدور أحد الوصول إلى القيادة العامة التي تمت تطويقها بالكامل بحواجز وتراصت نقاط الارتكاز في كل المنافذ التي تؤدي إليها.
في وقت أفاد فيه شهود عيان بأن أعدادا بسيطة من منسوبي النظام البائد لم تتجاوز المائة حاولت الوصول إلى حرم القيادة لكنها فشلت بسبب فشل الحشد.

(ندوسو دوس)
بحلول الثالثة احتلت الجموع كل المسارات التي حددتها لجنة العمل الميداني بقوى الحرية والتغيير لسريان المواكب من نقطة الانطلاق وحتى أماكن التجمعات. وردد الثوار هتافات تطالب بأهمية تسريع وتيرة العمل في تصفية دولة التمكين الحزبي، مشددين على ضرورة القصاص عبر استخدام الهتاف الشهير “الدم قصاد الدم .. ما بنقبل الدية”، مطالبين كذلك بحل حزب المؤتمر الوطني، وإبعاد رموزه عن مؤسسات الدولة حيث تعالى هتاف “أي كوز ندوسو دوس”، الذي تعالي في محيط ميدان الأهلية بأم درمان نقطة التقاء المواكب.
وشدد المتظاهرون الذين قاطعوا أحاديث المنصة لأكثر من مرة على أهمية حل مليشيات الحزب البائد وعزله تماما. ليتكرر ذات المشهد بساحة الحرية بالخرطوم التي انصهرت داخلها مواكب الخرطوم مطالبة بوضع حد لحزب المؤتمر الوطني ورموزه داخل مؤسسات الدولة والإسراع في المحاكمات على الانتهاكات التي حدثت.
بعكس مدينة بحري التي تداعى ثوارها مبكرًا منذ الواحدة بتوقيت الثورة عبر طلاب المدارس الذين سيروا موكبا من شارع المدارس باتجاه شارع المعونة ليتسببوا في اكتظاظ مروري أجبر أصحاب المركبات على النزول والسير مع المواكب نحو ميدان الشعبية لتلحق بهم بقية المواكب في الرابعة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.