حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

الطريق إلى رفع الدعم

شارك الخبر

(1)
حُكومة الثورة شَرّقت وغَرّبت وقدّمت نفسها للدول الأخرى، باعتبار أنّها مُختلفة عن حكومة السودان التي ثارت عليها في كل شئٍ، فإن كانت تلك داعمة للإرهاب فنحن أهل سلام، وإن كان قوم السابقة أهل فسادٍ فنحنُ عفيفو اليد واللسان كمان، فرحّبت الأمم بها ولسان حالها (حبابكم عَشرَة بلا كَشرَة، الدنيا تسعنا وتَسعكم).. أها يا جماعة الخير إيدكم معانا فنحن في ضنكٍ ومَسغبةٍ وقدِّموا السبت أكان تلقُوا مِننّا الأحد، فنحن أهل موارد وأرضنا في سَطحها وفي جوفها تَمُور بالخيرات وهنا سحب العالم يده ولم يقل (بغم) وهكذا الحال دوماً..!
الناس في طق الحنك ما بتقصِّر، ولكن عندما يتحوّل الأمر إلى المال (تكب الزوغة)، فبلادنا وعلى حسب قول حُكّامها مُحتاجة اليوم لمليارين فقط كعونٍ عاجلٍ، ثم ثمانية مليارات كعونٍ تنموي لبقية الفترة الاِنتقالية لتقف على رجيلها وتَسير في ركب الأمم الجادّة التي لها مُستقبلٌ، ولكن للأسف العالم خذلها وتلكّع عليها في غربه وشرقه.
(2)
مِمّا تقدّم لا بُدّ من استثناء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية اللتين لم تُقصِّرا وقدّمتا ومن تلقاء نفسيهما دعماً سَخِيّاً وصل إلى ثلاثة مليارات لحكومة الفترة التّمهيدية التي سَبَقت الاِنتقالية (أغسطس 2019) وما زالت البلاد تعيش على بقية هذه المنحة، لأنّ أوروبا وبلسانها الطَويل قَدّمت أقل من مائة مليون دولار (برضو شُكراً لألمانيا وفرنسا)، أمّا بريطانيا فـ(الفيها اِتعرّفت)، وسيدة الدنيا الولايات المتحدة لم تُساعدنا حتى (بالسُّكَات)، بل صَبّت مزيداً من الحِبر على اِسم السودان في قائمتها اللعينة وكأنّما السودان حتى هذه اللحظة هو المُهدِّد الوحيد للسلم والأمن العالميين!!
قروش السعودية والإمارات خلاص أكلناها قَمحاً وحَرقناها وُقُوداً ودَعمنا بها جنيهنا المُنهار، فما أن خلصنا عليها حتى عاود الدولار جُنُونه فتخطّى حاجز السبعين ساعة كتابة هذا المقال، وغداً سوف تُعاود صُفُوف البنزين والجازولين والرغيف الظُهور.. فما العمل؟!
(3)
ليس أمامنا أيِّ خياراتٍ سوى (مواكاة الجراب على العقاب)، فجراب السودان وبحمد لله بعقابه ففيه المياه الجارية والأرض السهلية المُنبسطة والشمس السّاطعة، والأهم من ذلك فيه الإرادة البشرية والعزيمة والعقول، وهنا لا بُدّ من استدعاء رُوح الثورة والسير بها في طريق البناء، فنحن اليوم قبل الغد مُحتاجون لخطاب ثوري جديدٍ يكاشف الشعب بالأمر الواقع، ويُوحِّد صُفُوفه، ويضع له خارطة الخُرُوج من المأزق الراهن، ويُبيِّن خُطُورة الأعمال الاِنصرافية التي يَقُوم بها (هواة السِّياسة) الذين يتصرّفون وكأنّ البلاد بها احتياطي نقدي يفوق المائة مليار دولار، لا بُدّ من تقديم الأهم على المُهم..!
فالبلاد الآن تَسير مَعصوبة العينين نحو هاوية لن تبقي على الدولة، ناهيك عن الثورة، وهنا يأتي دور الحكومة، إذ عليها مُواجهة الأمة بالحقيقة وهي أنه لا مَخرج إلا بالاعتماد على الذات، وعلى ذات الحكومة رَسم طريق الاعتماد على الذات، ثُمّ يأتي دور جماعة الحُرية والتغيير، باعتبار أنّها الحَاضنة السِّياسيَّة للحكومة، وباعتبار أنّها (ست) الثورة، فعليها أن تُعيد كتابة خطاب الثورة، فالتغيير الذي حَدَثَ في العشرة أشهر الأخيرة يفوق ما حَدَثَ في كل سنوات الإنقاذ.. الآن الواقع اختلف والتحدي اختلف، وبالتالي لا بُدّ من أن يختلف الخطاب.
(نُواصل إن شاء الله)

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.