حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

حمدوك.. فُرصة جديدة !!

شارك الخبر

(1)
الإمام محمد أحمد المهدي كان قائداً أممياً أي انطلق من أيديولوجية دينية وهي الإسلام، ولكن داخل الإسلام فقد فصلها على مهديته، فمن آمن بها فقد سلم، ومن كفر بها قد خرج من الملة، فلم يكن في فكر المهدي أيِّ انتماءٍ للوطن، ولكن بما أنّ ثورته كان حيِّزها الجُغرافي هو السودان التركي – المصري.
يُمكننا القول، إنّ الإمام المهدي هو آخر قيادة مُلهمة أي كاريزمية ظهرت في أرض السودان ليس هذا فحسب، بل وضع لَبِنَة كبيرة في بنية السُّودان الحالي أعقبت اللّبنة التُّركية، فالمهدي مَزَجَ فعلياً بين السودان النيلي والسودان الغربي.. بعد المهدي لاحت بَوادر قيادات مُلهمة تمثّلت في الزعيم الأزهري في بَواكير الاستقلال، والشريف حسين الهندي، والسيد الصادق المهدي بعد أكتوبر وربّما آخرين، ولكن للأسف لم تكتمل بسبب الصراع بين ذات الشخصيات المَذكورة!!
وفي تقديري، إنّ السودان في حاجةٍ للشخصية الكاريزمية ليس زُهداً في الديمقراطية ولا حَطّاً من قَدر المُؤسّسية، بل لأنّ الشخصية الكاريزمية تمتن البناء القومي وتختصر زمن البناء القومي، وهذا لا يعني خُلوها من الأعراض الجانبية وهذه يُمكن تدارُكها، فأدبيات الشخصية المُلهمة ما (تَدِّيك الدرب)!!
(2)
الدكتور عبد الله آدم حمدوك وَضعته المُصادفة التّاريخية في المكانة القومية التي يتبوّأها الآن، ولكن اختلافه عن الذين سَبقُوه أنّه وجد قبولاً شعبياً لم يُحظَ به رئيس سوداني من قبل، وقد يرجع هذا إلى أنّ هناك أشواقاً لشخصية مُجمع عليها أو على الأقل تتمتّع بقُبُول الأغلبية.. فحمدوك منذ ظُهُوره في المطار إلى أدائه القسم، ثم زياراته الخارجية لرحلته إلى دارفور يوم الاثنين الأول من أمس، وترتيبه لأولويات حكمه، أثبت أنّه جَديرٌ بهذا القُبُول.. نعم هناك أخطاءٌ وجلائط وقعت فيها الحكومة التي يترأسها حمدوك!! وهناك تململٌ مع تفاقُم الأزمات خَاصّةً الاقتصادية، ولكن مع كل ذلك ظلّت شخصية حمدوك في ذات المكانة التي وُضعت فيها، إذ لم يصدر منه شخصياً أيِّ سُلُوكٍ أو قولٍ يُمكن وضعه في خانة السلب، الأمر الذي يُؤهِّله للمزيد من (القَومنة) حِلوة قَومنة دي, وذلك لِمصلحة الحُكومة التي يقودها، ولمصلحة الفترة الانتقالية، ولمصلحة الانتخابات القادمة، باختصار لمصلحة البلاد والعباد.
فأيِّ فشل لهذه الحكومة يعني فشل كل الفترة الانتقالية وظُهُور (ود أم بَعَلُو) من جهة ربما تكون غير منظورة الآن!!
(3)
نَعم “ق ح ت” هي التي رَشّحت حَمدوك لرئاسة الحكومة وبذا أصبح رئيساً لكل السُّودان، لذلك على “ق ح ت” أن تُعطيه فُرصة لينفتح على جميع السُّودانيين بما ذلك الذين تُعاديهم “ق ح ت” وهذا سَيُقلِّل من غلواء المُعارضَة، فالفترة الانتقالية وظروف البلاد لا تحتمل مُعارضة هدّامة، أي مُحاولة لوضع قضيب سكة حديد ليسير عليه حمدوك سوف تشل من قُدراته وعلى حمدوك عدم التكويش وذلك بترك المُؤسّسات لتقوم بدورها المرسوم، ولكن هذا لا يَمنعه من التفكير خارج الصندوق.
عَلَى حمدوك أن يعلم أنّ فترتـه مُحَدّدة وهي عُمر الفترة الانتقالية، فتسليمه الحكم لحكومة مُنتخبة هو هدف الترجيح المُنتظر منه، ولكن هذا لا يعني نهاية حياته السياسية، بَـل ربما قد تكون بدايتها.. وهُنا (أنا ما بَفسِّر وإنت ما تقصِّر)!!
اعطوا حمدوك فُرصة ليكون حمدوك نفسه فرصة والشرح الكثير يفسد المعنى..وللحديث بقية ان شاء الله

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.