بقلم: ياسر سليم

مفوضية حقوق الأطفال

شارك الخبر

لقد تنبأ شاعر الشعب محجوب شريف بقيادة هؤلاء الأطفال واليافعين للثورة والتغيير.. واختار لديوانه اسم الأطفال والعساكر.. ولم ييأس من رؤيته المُتعمِّقة بأن هذا الجيل هو الذي سيصنع التغيير ويقهر العسكر ويُقدِّم الشهداء لهم الرحمة.. وأبدع وكتب يقول:
لطفلة جميلة
تنفّست قليلاً
تمدّدت قتيله
رصاصة في قلبها
وطعنة في جنبها
ولم تعش طويلاً
لكنما
مليون مثلها سينجبوا
النضال يا أبي حقيقة
وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
عيونهم أشد من عيوننا بريقاً
صدورهم بما وهبت أكثر اتساعاً
سُيُوفهم تزيد من سُيُوفك الطوال طولاً
وها هو محيي الدين فارس وكأنه يعكس واقع الأطفال المشردين وغيرهم، ويبث الأمل بأن الوطن سوف يعود وبه سيعود الفرح للأطفال…
يمشى الملايين الحفاة العراة الجائعون مشردون
في السفح في دنيا المزابل والخرائب ينبشون
والمترفون الهائمون يقهقهون ويضحكون
لهف من الشهوات يجتاز المعابر والصدور.. هل يسمعون؟
صخب الرعود .. صخب الملايين الجياع
يشق أسماع الوجود؟ لا يسمعون!!
إلا شهوات حياتهم وكأنّهم صم الصخور
وغداً نعود حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ الموشح بالورود
تزغرد الجارات والأطفال ترقص والصغار
التحية والتقدير لكل المُناصرين للأطفال وهُم يتسارعون في التوقيع على مذكرة إنشاء المُفوضية وها هي التّوقيعات تتجاوز الخمسمائة.. والتحية للوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 التي أكّدت على إنفاذ تدابير العدالة وتحقيق دولة الرفاه والعدالة الاجتماعية والتي فتحت الباب لإنشاء أي مفوضيات يرى مجلس الوزراء ضرورة لإنشائها (39 المادة) ومنها تنطلق هذه المناصرة التي تركز على تحقيق شعار الأطفال أولاً.. فأطفالنا يستحقون مفوضية وأكثر.. (يعني كثيرة بعد نضالهم واستشهادهم.. وواقعهم المُر هذا والواضح للجميع وعددهم الأكثر من نصف السكان.. وكمان بعد مرور 30 سنة على اتفاقية حقوق الطفل.. كثيرة نطالب بمفوضية لهم)!!
نرجو أن يسرع الجميع بالتوقيع على المذكرة والتي سوف يتم تسليمها لوزيرة العمل والضمان الاجتماعي لرفعها لرئيس الوزراء، وذلك في اليوم العالمي للطفل والذي نعمل أن يكون شعاره معاً من أجل إنشاء مفوضية حقوق الطفل.. علينا الاستمرار في حملة المُناصرة.. مُناصرة من أجل إنشاء مفوضية حقوق الطفل.. مفوضية للعمل على الانتقال من العمل النظري والصوري في حقوق وحماية الطفل إلى العمل الفعلي والحقيقي على أرض الواقع القائم على المُساءلة والمُحاسبة لانتهاكات حقوق الطفل وضمان عدم الإفلات من العقاب لمُنتهكي هذه الحقوق.. من أجل مفوضية مُستقلة تتلقى الشكاوى والمظالم التي تقع على الأطفال والاستجابة لها وضمان الإنصاف.. مُفوضية من أجل العمل على الإيفاء بحقوق الأطفال في ظل مناخ التعافي والديمقراطية والحرية والعدالة.. مُفوضية من أجل إيفاء حقوق الأطفال وخاصة المُتأثِّرين بالحروب والنزاعات والانتهاكات الجماعية.. معاً من أجل مفوضية مُستقلة ترتكز على المبادئ الأساسية لحقوق الطفل وعلى العدالة والشفافية والمهنية والمسؤولية والمُحاسبية.. مفوضية لمُتابعة ومُراقبة إنفاذ ما نصّت عليه الوثيقة الدستورية بأن تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان (المادة 50).. مفوضية من أجل تقوية نظام مُراقبة حقوق الطفل.. مفوضية مُستقلة من أجل تعزيز الاستجابة للانتهاكات التي نشاهدها وتقع أمامنا على الأطفال بصورة شبه يومية.
تُوجد مُفوضيات حقوق الطفل في عدد من الدول وتختلف بطبيعتها من دولةٍ إلى أخرى، فهنا في السودان أعطت الوثيقة الدستورية الحق في إنشاء أيّة مفوضية فقط لمجلس الوزراء دون غيره ونصّت أن تنشأ مفوضيات مُستقلة وتحدد اختصاصاتها وفق القوانين، أضف إلى ذلك أنّ الوثيقة أعطت مجلس الوزراء صلاحية إنشاء المفوضيات الآتية: مفوضية الإصلاح القانوني، مفوضية مُكافحة الفساد، مُفوضية حقوق الإنسان، مفوضية إصلاح الخدمة المدنية، مفوضية الأراضي، مفوضية المرأة والمساواة النوعية وأي مفوضيات أخرى يرى مجلس الوزراء ضرورة إنشائها.
وعليه، من هذا المُنطلق، نرى أنّ الأولى أن تكون هناك مُفوضية مُستقلة لحقوق الطفل وفقاً للمُبرّرات التي ذكرناها سابقاً.
الجدير بالذكر أنّ العمل في مجال حماية الطفولة له أكثر من شكلٍ من حيث طبيعته، فهنالك آليات ومُؤسّسات تعمل في عدة مجالات، تعمل كل آلية في مجالها من حيث طبيعة عملها وسُلطاتها واختصاصاتها.. تعتبر المُطالبة بمفوضية مستقلة لحقوق الطفل إضافة كبيرة لهذه الآليات، فمثلاً نجد أن المجلس القومي لرعاية الطفولة والذي تم تأسيسه عام 1991 ينص قانونه على أنه جسمٌ حكوميٌّ يتبع لرئاسة الجمهورية ويرأسه رئيس الجمهورية ودوره الأساسي هو التنسيق ووضع السياسات والخُطط والبرامج المُتعلِّقة بالطفولة، بينما نحن نُطالب بمفوضية تتمتّع بالاستقلالية التامة ودون تأثير من أية جهة حكومية أو غيرها ولها الصلاحيات الكافية للتحقيق والنظر في أيّة مسألة بحُرية تقع ضمن ولايتها وتعمل على المُراقبة والعمل على تعزيز الاستجابة الفورية للانتهاكات التي تحدث للأطفال وهذا سوف يؤدي إلى تقوية إنفاذ حقوق الطفل.. وعليه، فإنّ المفوضية لا تعني إلغاء دور المجلس، بل هي مُكمِّلٌ لدوره، حيث أنّ الواقع يتطلّب مُؤسّسة مُستقلة لتعزيز حقوق وحماية الطفل وذلك في إطار تحقيق الاتّساق والتكامُل من أجل إنفاذ حقوق الطفل على أرض الواقع.
ختاماً، أكاد أسمع الأطفال يهتفون من حقنا مفوضية.. ترفع صوتنا.. تحفظ حقنا، كثيرة نحلم بعد ثلاثين سنة من الاتفاقية أن تكون لينا مفوضية؟ عاوزين آلية قوية لمُراقبة الاتفاقية.. شبعنا تنظيراً.. عاوزين تفعيل، من حقنا نعيش في أمان.. عشان سُودانا يمشي للأمام.
ناشط في حقوق الطفل

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.