البنزين التجاري … يثير الجدل ويقلص الصفوف

الخرطوم: الطيب علي

حالة من الجدل أثارها قرار الحكومة الأخير بتطبيق التحرير الجزئي للبنزين، وسط قطاعات واسعة من المختصين إلى جانب قوى إعلان
الحرية والتغيير، فضلا عن فئات مختلفة من المواطنين. فهل تنجح تجربة الوقود التجاري في تخفيف أزمة الوقود؟

بدأت محطات الخدمة في اليوم الثاني من تطبيق قرار الوقود التجاري مقابل إبقاء المحطات الأخرى لبيع البنزين المدعوم أقل نسبيا من حيث حركة الازدحام مقارنة بالأيام الماضية .
ويقول عدد من المواطنين الذين ارتادوا محطات البنزين التجاري لـ (السوداني) انه بالرغم من ارتفاع سعر اللتر الى 28 جنيها إلا انه أسهم نسبيا في تخفيف حدة أزمة الوقود وتقليل الانتظار لساعات طويلة في صفوف البنزين .

ويرى سائق احدى المركبات الخاصة تاج الدين الخير في حديثه لـ(السوداني ) ان تجربة الوقود التجاري أسهمت في تفادي الصفوف بشكل نسبي عن محطات الوقود المدعوم، الى جانب تقليص ساعات الانتظار أمام محطات الخدمة .

ولفت الموظف صلاح أحمد الى صعوبة نجاح تجربة البنزين التجاري خاصة في حال توفر البنزين المدعوم في المحطات الاخرى، مشيرا الى أن هناك فئات كبيرة من المواطنين تعتمد على البنزين المدعوم.
ولم تقتصر حالة الجدل على قطاعات المواطنين فحسب، إذ رفضت الحاضنة السياسية للحكومة ممثلة في قوى الحرية والتغيير في خطاب
موجه لمجلس الوزراء( الأحد ) قرار تحرير البنزين جزئيا الى جانب إجراءات اقتصادية اخرى بينها تخفيض قيمة الجنيه وعدته خرقاً لتفاهمات
سابقة أبرمت أواخر ديسمبر مع المجلس السيادي ومجلس الوزراء، وتضمن الاتفاق يومها عدم تضمين موازنة 2020 أي رفع للدعم عن أية سلعة أو تغيير في سعر صرف وعقد مؤتمر اقتصادي قومي في مارس المقبل لمناقشة مجمل قضايا الاقتصاد الوطني ومن بينها بدائل رفع الدعم وسد عجز الموازنة، محذرة من أن تؤدي تلك القرار ات الى انفجار الأوضاع وتحريك قوى الثورة المضادة قبل أن تدعو لإلغاء القرارات بشكل عاجل.

ولم تنس أن تشير الحرية والتغيير الى ان التوجه يمثل (بداية عملية للرضوخ لروشتة صندوق النقد الدولي المجربة والتي أدت لانعكاسات سلبية سيئة على اقتصادات البلدان التي رضخت لها)، وأضاف هي توجهات مرفوضة كليا من جماهير الشعب السوداني وقواه الحية وتتناقض مع أهداف وتطلعات وبرامج ثورة ديسمبر المجيدة، ومن شأنها أن تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم ورفع أسعار كافة السلع بصورة غير مسبوقة وتأزيم الوضع المعيشي بدرجة قد تؤدي للانفجار وتشجيع قوى الثورة المضادة على تهديد مسيرة الثورة.

وشدد الخطاب على رفض الإجراءات الأخيرة قبل ان يدعو لإلغائها والتعامل مع البدائل المطروحة في وقت سابق لمعالجة الأزمات والشروع في استكمال خطوات عقد المؤتمر الاقتصادي.
وغير بعيد عن ذلك اتهم الحزب الشيوعي في بيان منفصل، وزارة المالية بخرق الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير بشروعها في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي الذي يضع رفع الدعم وتبني سياسات السوق الحر شرطا للتعاون مع السودان، مؤكدا رفض المكتب السياسي للحزب زيادة أسعار الوقود والخبز وزيادة الضرائب وتوصيات صندوق النقد الدولي، وطالب بالالتزام بما تم التوصل إليه مع قوى الحرية والتغيير، وأوضح أن البديل عن الزيادات هو وضع الدولة يدها على شركات الجيش والأمن والدعم السريع وتبعيتها لوزارة المالية، ودخول الدولة في إنتاج الذهب والصمغ العربي، فضلا عن التقليل من استيراد السلع الكمالية وزيادة الضرائب عليها.

الخبير في مجال الطاقة إسحاق بشير جماع استبعد في حديثه لـ(السوداني) نجاح تجربة البنزين التجاري في التخفيف من حدة الأزمة لجهة ان اختلاف الأسعار يسهم في تسرب المدعوم الى السوق السوداء، واصفا القرار بغير المدروس، كما ان المواد البترولية تختلف في طبيعتها عن الكهرباء الى جانب الاختلاف ايضا في طريقة احتسابها. وتابع ان الحل يكمن في رفع الدعم كلياً عن البنزين مقابل رفعه تدريجيا عن الجازولين لارتباطه بقطاعات الزراعة والصناعة والإنتاج .

ويقول الخبير الاقتصادي عز الدين ابراهيم في حديثه لـ( السوداني) انه من الصعوبة حسم تسرب البنزين المدعوم الى التجاري، واقترح تحويل
كافة السيارات الحكومية بما فيها التابعة للقوات النظامية الى الوقود التجاري وتابع ان تلك الخطوة تسهم في خفض تكلفة استيراد المواد البترولية بشكل كبير إلى جانب التخفيف من حدة الأزمة الحالية للوقود.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.