العواصف تحيط بتنقلات وزارة الخارجية

الخرطوم: سوسن محجوب
يبدو أن وزارة الخارجية ما زالت عصية لضبطها على ايقاع ثورة 19 ديسمبر، ففي الوقت الذي انخفضت فيه أصوات الفريق المنادي بضرورة أن تغادر الوزيرة “اسماء” موقعها لأنهم يرون أنها فشلت في إدارة وزارة يرى الكثيرون أنها تمثل معقلا لكوادر النظام البائد ولا تزال وهم من يسيطرون عليها ويديرون شؤونها فقد وجد هذا الفريق نفسه في مأزق حقيقي بعد إعلان رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك رأيه صراحة في لقاء تلفزيوني بأنه لا يرى أي سبب يعجل بإعفائها من منصبها.

وبعيدا عن بقاء أسماء أو مغادرتها فإن هناك وجها آخر للعاصفة بالوزارة إذ أنه وما إن يعلن عن كشف لتنقلات حتى تندلع فيه النيران، ولن يكون كشف الـ”21″ دبلوماسيا الذي صدر في الحادي عشر من فبراير الجاري هو الأخير إذ أن لجنة المقاومة بوزارة الخارجية اعتبرته يأتي ليعمق التمكين في الوزارة وقالت إن الكشف تم قبل أن تتم عملية إزالة التمكين في الوزارة وقررت اللجنة مناهضته بكل الوسائل .

قصة الـ”21″
في الحادي عشر من الشهر الجاري أوردت “السوداني الالكتروني” خبرا كشف أن وزارة الخارجية أجرت تنقلات راتبة لـ”٢١” دبلوماسياً في عدد من بعثاتها بالخارج.
التنقلات شملت عدة سفارات أبرزها لندن، برلين، واشنطون (دبلوماسيين، نيويورك “ثلاث دبلوماسيين”، جنيف” دبلوماسيين”، القاهرة، نيودلهي، الرياض، أبو ظبى، فيينا، أبوجا والكويت). وأسهمت الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد مؤخراً في تأخير تنقلات الوزارة الراتبة بين الدبلوماسيين والسفراء، إذ لا تزال عدد من السفارات والبعثات دون سفراء حتى الآن بعد إرجاع عدد من تلك المحطات بهدف إجراء ترتيبات تستوعب إنفاذ موجهات ثورة ديسمبر.

ما هى قصة الـ”21″ الذين سيغادرون إلى تلك المحطات؟ ولماذا وبعد أكثر من أسبوع أصدرت لجنة المقاومة بوزارة الخارجية بياناً اطلعت عليه “السوداني” انتقدت فيه الكشف الذي تحصلت عليه “السوداني ” فور نشره في الحادى عشر من فبراير الجاري، لجنة مقاومة وزارة الخارجية قالت إنها ظلت “تحرس أهداف الثورة وتقف سدا منيعا أمام أية تحركات أو محاولات لسرقة الثورة عبر بوابة الخارجية”. ومضى البيان ” لذلك ظللنا نراقب ونتابع باهتمام بالغ كل الخطوات التي تقوم بها الوزارة وقيادتها والتي تشير إلى” الحياد عن موجهات الثورة” حيث قامت “بإجراء تنقلات للدبلوماسيين” من الرئاسة إلى بعثاتنا بالخارج قبل أن “تكتمل عملية إزالة التمكين داخل الوزارة ” ويمضي البيان الذي مهر بتوقيع اللجنة بأن ذلك أمر يدعو إلى” الريبة والشك” وحذرت اللجنة الوزارة من مغبة المضي في هذه الخطوة وطالبت بإيقاف عملية التنقلات “فورا” وإرجائها إلى حين اكتمال إزالة التمكين بالوزارة وتسمية سفراء لتولي مهام البعثات الخالية واكتمال إعادة المفصولين. وقالت اللجنة بالخارجية إنها “لن تتراجع” عن هذه المطالب العادلة والتي تتماشى مع روح ثورة ديسمبر المجيدة وفي حالة عدم الالتفات لهذه المطالب وأنه ستتخذ اللجنة خطوات “تصعيدية عنيفة” تستمدها من شرعية الثورة لحسم العابثين المتدثرين بثياب الثورة من أذيال النظام البائد وهم على مواقع اتخاذ القرار بوزارة الخارجية. إذن ما هي قصة كشف الـ”21″ .

استعجال:
“كل الذي حدث أن الكشف أعد على عجل وافتقد للكثير من معايير التنقلات ولا حاجة للعديد من هولاء الدبلوماسيين في الخارج في الوقت الراهن ما لم تتم ترتيبات السفارات الخارجية بالشكل السليم الذي يتوافق مع المرحلة “، هكذا أجابني سفير مخضرم رفض ذكر هويته لأنه غير مخول له الحديث للإعلام. ولفت إلى العديد من التجاوزات التي شملها كشف الـ”21” دبلوماسياً المثير للجدل، ومضى إلى أن واحدة من أكثر الأمور غير “المريحة” في الكشف هو قصة “الوزير المفوض” الذي نقل من واشنطن إلى نيويورك تقديرا “لظروف مرضية لأسرته”. وأضاف أن الوزير كان يعمل مدير مكتب وزيرة الشؤون الاجتماعية في الحكومة البائدة وكل نصيبه في العمل الدبلوماسي، أنه عمل في إدارة القنصليات وهذا لا يكفي وحده لأن يتنقل بين أهم البعثات “واشنطن” ومنها إلى البعثة في نيويورك حيث المنظمات الأممية وسبق أن كان في “أنقرة” لكنه ولأسباب “تخص أسرته” رأت قيادات الوزارة نقله إلى تلك المحطات، وأبدى محدثي أسفه لأن الخارجية وبعد العام 1996 أصبحت تمنح 1,5% من المرتب بدل علاج وهو قطعا مبلغ زهيد جدا ولا يكفي لعلاج أبسط الأمراض لذلك يطلب البعض المكوث في دولة بعينها إذا كانت لديهم “ظروف مرضية”. وأضاف أنه وقبل ذلك التاريخ كانت الخارجية تمنح مبلغا “محترما” للعلاج ’ ويلفت محدثي أنه سبق وبسبب العلاج أن مكث ملحق إعلامي في دولة “40” سنة. وينبه محدثي أنه كان من “الأوفق” أن يمنح دعم مالي كاف لعلاج مريضه وأن يأخذ نصيبه في التنقل وفقا للوائح العمل الدبلوماسي . وقال إن خطوة هذا “الوزير المفوض” أوجدت حالة من “الغبن” بين رصفائه في الوزارة الذين قطعا لن يسكتوا وربما تقدموا بالتماس إلى وزيرة الخارجية .

مطلوب وظيفة :
ويشير محدثي إلى مخالفة أخرى في كشف الـ”21″ دبلوماسياً وهذا في الجزء المتعلق بـ”السكرتيرين الثوالث” حيث يلاحظ أنه تم نقل أحدهم إلى سفارة السودان في “فيينا ” وهي بعثة صغيرة يوجد فيها منصب واحد لهذا المسمى ويشغله أصلا “سكرتير ثالث” ويشير إلى أنه ورغم وجود احتمال ترقية من يشغله الآن إلى درجة “السكرتير الثاني “وهو مسمى وظيفي غير موجود في البعثة. ويضيف “حتى الذي تم نقله وارد جدا أن تتم ترقيته أيضا لأنهم من دفعة واحدة وبهذا تتكدس البعثة “الصغيرة” بوجود من ليست لهم مسميات وظيفية وبالتالي لا توجد أي حاجة لهم ولن تحل المشكلة إلا إذا تمت استعارة وظيفة لهم من “بعثة” أخرى. وينوه إلى أن هذه الإجراءات ظلت تمارس في الحكومة البائدة حيث تكدست السفارات والبعثات السودانية بمن يحملون نفس الدرجة مثل أن تجد سفيرين أو أكثر في البعثة الواحدة على الرغم من قرار للمخلوع، محدثي يشير إلى أمر آخر في قصة “السكرتيرة الثالثة” التي نقلت إلى سفارة “فيينا ” إلا أن قوانين السلك الدبلوماسي تتيح للمتزوجين دون درجة سفير بأن تلحق بزوجها أو العكس لأكثر من مرة إذا “سمحت الظروف ” لكن لا يمكن أن تنقل لعدم وجود مسمى وظيفي لها .

سفارات درجة أولى :
وينبه ذات السفير إلى أن كشف الـ”21″ حوى ملاحظات في قصة السفارات التي يعتبرها البعض “درجة أولى” إذ يلاحظ أنها كانت من نصيب بعض المحسوبين على النظام أو من لديهم علاقة سرية حيث تم نقلهم إلى سفارات مثل نيويورك ـ واشنطن وجنيف. وأشار إلى أن بعضهم ربما لم يتم المدة المقررة لنقل السكرتيرين الثوالث حيث يتم المدة في شهر أغسطس المقبل لإكمال سنتين وهي المدة المقررة قانونيا لنقلهم، في الوقت الذي نقل فيه ذات رصفائهم إلى محطات تعتبر أقل وكان الأجدر أن يكون هناك عدل يناسب حجم الثورة التي قامت على هذه القيمة “العدل” .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.