أجندة …عبدالحميد عوض

من يحكمنا ؟

لا شيء يمنع بتاتاً من تحميل حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، مسؤولية أزمة الخبز والوقود والغلاء، التي يعاني منها الشعب السوداني لأشهر عديدة، عجزت فيها الحكومة من إنفاذ حلول أو وضع خطة تخرجنا من عنق الزجاجة، ولا شك أن ذلك الفشل هو مؤشر خطير لفشل الحكومة في جملة الإصلاحات الاقتصادية التي يأملها السودانيون منذ الإطاحة بنظام حزب المؤتمر الوطني وحكومته فساده واستبداده.

ليس ذلك وحسب، بل مؤشر أقوى على ضعف الحكومة وسوء اختيار بعض الوزراء خاصة وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي الذي أثبتت تجربته خلال نصف عام ضعف قدراته ومحدودية خياراته، وتركيزه المستمرعلى خيار واحد هو رفع الدعم الحكومي عن الخبز والوقود، وجاءت ثالثة الأثافي، قبل يومين حينما قدمت أكبر دليل على عجزها بتشكيل آلية لمعالجة الازمات برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة وبمشاركة اعضاء من الحرية والتغيير.

رغم تلك المعطيات، لكن على الجميع إدراك حقيقة أن المرحلة الاقتصادية التي نحن فيها ، يتحمل مسؤوليتها النظام البائد بسياساته الاقتصادية التي طبقها منذ التسعينيات، وبتدميره المشاريع الإنتاجية التي كانت توفر ولو نسبة معقولة من الاستهلاك المحلي، وتوفر عائدات معتبرة من النقد الأجنبي، هذا غير تلاعبه المستمر في السلع الأساسية وجعلها مجالاً لذوي الحظوة ليضاربوا فيها وجعلها مصدراً للثراء الفاحش.

لقد كان الرئيس المخلوع عمر البشير يكرر أنه وبعد استلامه السلطة اجتمع مع مدير بنك السودان المركزي، وسأله عن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي، فأوضح له المدير بأنه لا توجد سوى ١٠٠ألف دولار، والآن علينا أن نسأل مدير بنك السودان عن حجم الاحتياطي النقدي الذي تركه البشير ونسأل عن زبانية النظام عن عدد المشروعات التي تركوها قائمة لتكفي أهل السودان في غذائهم، أين مشروع الجزيرة وأين المشاريع الأخرى، أين سودانير والسكة الحديد وآلاف المصانع وأين الصمغ العربي والثروة الحيوانية والحبوب الزيتية، وأين وأين؟؟؟؟
إذا لم ندرك حقيقة حجم الدمار الاقتصادي الذي خلفه نظام الفساد والاستبداد فنكون غافلين ولن نجد مدخلاً صحيحاً للحلول، فأزمة الخبز والوقود المستفحلة بدأت في عهد النظام البائد ولم يستطع حلها، رغم تغييره للحكومات وتدخل البشير .

النقطة الثانية التي علينا إدراكها أن عقلية النظام وعناصره لا تزال هى التي تحكم قبضتها على مقاليد السلطة في الولايات وهي عقلية كما أدركنا طوال ٣٠سنة ليس لها علاقة بهموم المواطن وليست حريصة على إيجاد حلول بقدر حرصها على مصالحها، وفي هذا لن أجد جهة أحملها مسؤولية التدهور الحالي إلا الجبهة الثورية التي تتمترس حول موقف لا موضوعي برفض تعيين ولاة مدنيين بصورة مؤقتة حتى يجتهدوا في كنس آثار الفساد والتراخي الإداري في الرقابة على السلع والخدمات في الولايات .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.