الإعلام الرسمي وكورونا.. تقييم رد الفعل

الخرطوم: إيمان كمال

مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن فيروس(كورونا) كوفيد 19 يشكل جائحة “أيّ الانتشار العالمي لمرضٍ جديد” استنفرت دول العالم كل طاقاتها في سبيل الحد من انتشار الفيروس، إلى استخدام كل السبل في التوعية من المرض والوقاية منه..

السودان لم يكن استثناءً من تلك المحاولات إذ أعلن مؤخرًا حالة الطوارئ الصحية بالبلاد مع إغلاق المعابر والمجال الجوي، إلا أن الاستعداد على المستوى الإعلامي لم يكن مُرضيًا للبعض، مع سرعة انتشار الشائعات والبطء في تمليك المعلومات من الجهات الرسمية، ونشر الوعي عبر المنافذ الموثوقة.

محاولات فردية
تقول الجهات الرسمية إنها تبذل وسعها في سبيل تمليك المعلومات، فيما شرع عدد من المسؤولين في الحكومة وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في محاولة نشر التوعية على وسائل التواصل الاجتماعي فمنذُ اليوم الأول الذي أعلن فيه عن أول حالة إصابة ووفاة بفيروس كورونا دعا رئيس الوزراء حمدوك إلى توخي الحذر لأن وباء كورونا ينتشر بسرعة، مناشدًا المواطنين باتباع الإرشادات الصحية التي أعلنتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

كما قام حمدوك بتغيير الصورة الشخصية على حسابه بتويتر مستبدلًا إياها بصورة عليها إرشادات للوقاية من الفيروس، ونادى بتجنب المصافحة والالتزام بالتوجيهات الصحية للوقاية من وباء فيروس كورونا، والحفاظ على مسافة آمنة، وغرد قائلًا: لا حرج في عدم المصافحة للحفاظ على صحتنا وصحة من حولنا

جهود ولكن
في ذات السياق غرد عدد من وزراء الحكومة الانتقالية على صفحاتهم الشخصية بفيس بوك وتويتر عن إرشادات وقائية، فيما دأبت وزارة الصحة الاتحادية على نشر فيديوهات، وإرشادات للتوعية والوقاية من الفيروس، وأخرى للأطفال، كما درجت الوزارة على نشر تحديثات يومية.
البعض اعتبر أن ذلك غير كافٍ لجهة أن الكثيرين لا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي فيما لا يملك آخرون هواتف ذكية.
من جانبها خصصت شركات الاتصالات الرقم المجاني 221 لبلاغات جائحة كورونا.

إجراءات وقائية
الكاتب الصحفي محمد مصطفى جامع اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أن تعاطي الحكومة الإعلامي في تغطية كورونا متأخر وضعيف مشيرَا إلى أنهُ كان يمكن للحكومة أن تتخذ إجراءات وقائية حاسمة مثل إغلاق الحدود ووقف حركة الطيران مع الدول الموبوءة بالفيروس مثل مصر، ولم تتخذ الحكومة هذه الإجراءات إلا بعد فوات الأوان عندما اتخذت السعودية قرارًا بإيقاف الرحلات الجوية مع السودان ومنعت القادمين. وأضاف: المطاعم كذلك ما تزال تعمل بصورة طبيعية في ظل بيئة غير صحية، وصالونات الحلاقة والتجميل. وما تزال بعض المقاهي تقدم “الشيشة”حتى الآن، ولم تقم السلطات بتجهيز مقرات لعزل المشتبه بهم.

مطلوبات بسيطة
ويرى جامع أن هناك فنادق وأماكن كان يمكن إعدادها بقليل من الجهد مثل أرض المعارض ببري، أو أرض المعسكرات بسوبا، داعيًا الحكومة ممثلة في وزارة الصحة بتكثيف التوعية، وتوجيه المواطنين بالبقاء في منازلهم.
وتابع: هُنا يأتي دور الخيرين والمنظمات بتقديم العون للشرائح الضعيفة التي تعتمد في رزقها على العمل اليومي.

الجهاز التنفيذي
الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أنهُ من حسن حظ الحكومة وفي ظل الضائقة الاقتصادية أن البلاد لم يضربها فيروس كورونا وحتى الحالة الوحيدة التي تم الإعلان رسمياً عن وفاتها جراء المرض هي محل شك. وأضاف: لكن يعاب على الحكومة ليس فقط في الأزمة الصحية بل في تعاطيها مع كافة الملفات هو البطء حيث اصبح سمة ملازمة لاداء الجهاز التنفيذي فعند اول ظهور إعلامي لوزير الصحة أكرم التوم بشأن كورونا والذي تأخر كثيراً استخف بالمرض بل خلط الأمر بأمر سياسي بحت (النظام السابق ورئيسه)، مشيرًا إلى أن ذلك أفقد الوزير السند الإعلامي والتعاطف الشعبي والتأييد (الإسفيري) الذي كان يمكن أن يحظى به، مشيرًا إلى أن حملة الحكومة لمجابهة المرض لم تحظ بالدعم الإعلامي المأمول.

لماذا الضعف؟
ويرى أسامة أن السبب الثاني يعود لقلة خبرة الحكومة في التعامل مع الأزمات(وقود وخبز وانتشار كورونا). وعدم المعرفة بكيفية إدارة الأزمة ففي الدول الأخرى تصدى لها الرؤساء لا الوزراء، معتبرًا أنهُ كان يتوجب على الحكومة أولا أن تقوم بتنوير الصحافة والإعلام وتستمع لآرائهم كونهم يملكون خبرة كبيرة وواسعة بمعايشة وتغطية كثير من الازمات المعقدة.
وأضاف: اقتراب الحكومة من الصحافة كان سيحول الأخيرة لكتيبة إسناد لتوجيه الرأي العام خاصة وأن كورونا معركة إعلامية من الدرجة الأولى قائمة على تبصير المواطن بضرورة تقييد حركته وتثقيفه بالالتزام بالموجهات الصحية وضوابط وقرارات الحكومة بعدم ارتياد المقاهي والأندية والأماكن العامة، داعيًا الحكومة إلى إدراك أهمية دور السلطة الرابعة خاصة في هذا التوقيت.

انطلاقة متأخرة
تحليلات أخرى تذهب إلى أن الملف الإعلامي برمته متعثر، إذ إن الكثير من الموضوعات لا تحظى بالاهتمام الإعلامي المأمول، ويرجع البعض الأمر إلى صراعات داخلية من قرارات الثورة في المؤسسات الإعلامية والمقاومة من قبل منتسبي النظام البائد في تلك المؤسسات.

ويعضد أنصار هذه الرؤية بأن الكثيرمن الإنجازات في الفترة السابقة للعديد من الوزارات غابت عنها التغطية الإعلامية بفضل تقاعس المكاتب الإعلامية في مؤسسات الدولة عن القيام بدورها، فضلاً عن القيود المكبلة يد وزير الإعلام الذي يؤكد في الكثير من الأحيان أنه لن يتخذ أي قرارات تطيح بمنسوبي النظام البائد فقط لأنهم ينتمون للآخر بل يحاكمهم بأدائهم في مهامهم وملفاتهم..

وتشير متابعات(السوداني) إلى بث مشترك بين قناة السودان وعدد من القنوات الخاصة للتوعية بكورونا على سبيل المثال فضلاً عن تأهب العديد من المؤسسات الإعلامية للتعاون المشترك في تغطية ونقل وبث وقائع المؤتمر الاقتصادي الذي تم تأجيله بفعل كورونا، وهو ما يعده البعض بداية إعلامية حقيقية للإعلام الرسمي في القيام بمهامه حال تم إدراك أهميتها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.