حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

الوزير القادم

شارك الخبر

(1)
بعد نجاح انتفاضة أبريل 1985 أُسند أمر تشكيل الحكومة للتجمع الذي قاد الثورة فعرضت رئاسة الوزارة على أستاذنا الراجل المقيم الدكتور/ عدلان الحاردلو الذي كان رئيسا لنقابة أساتذة جامعة الخرطوم فرفضها ورفض تولي أي وزارة ثم عرضت على كذا شخص فرفضوها (تفرج على ما يحدث الآن). قال الدكتور الجزولي دفع الله رئيس نقابة الأطباء يومها (أثناء البحث عن رئيس وزراء كنت أقول لنفسي المجنون دا منو البيقبل رئاسة الوزراء في مثل هذة الظروف)، في النهاية أصرت النقابات المهنية عليه. وكل من عاصر تلك الفترة كان يرى زهد الجزولي فيها وكذا سوار الدهب. التكالب على الوظيفة السياسية (فضلة خير) نظام البشير مثلها مثل المحاصصة الحزبية.
(2)
جورج بمبيدو رئيس جمهورية فرنسا في مطلع سبعينيات القرن الماضي وأثناء فترة رئاسته شنت عليه حملة قوية كان من أسلحتها أنه كان شيوعيا أثناء دراسته في الجامعة فرد على هذه التهمة بالإقرار، وأضاف قائلا إنه يعتبر أي شاب في ذلك الزمن لم تجذبه المبادئ الشيوعية غبيا، وليس وطنيا، ومجرد من الإنسانية، ولكن المشكلة إذا استمر في شيوعيته بعد أن يتجاوز سن الشباب؛ فغداً إن شاء الله عندما تتشكل وزارة التكنوقراط المنشودة سوف يقلب الجماعة الدفاتر، هذا كان كذا وذاك كان كذا، ففي تقديري يجب أن يواجه الذين سوف يقع عليهم الاختيار ويتم اتهامهم بانتماء أو ميل سياسي سابق هذا الأمر بكل شجاعة فالانتماء المبكر دليل تفاعل إيجابي مع الأوضاع السياسية، وترك الحزبية دليل نضج (من حق الآخرين أن يكبروا بحزبيتهم)، فالمهم في الأمر أنه في لحظة الاختيار أن يكون الزول غير متحزب وليس لديه أي ارتباط بأي حزب.
(3)
يقال إنه في بداية الإنقاذ عرض على الراحل المقيم الدكتور عوض دكام أظرف ظرفاء السودان منصبا وزاريا فرفضه بالقول (لا بالله, عاوزين تطلعوا لي (حكايات) المدرسة الوسطى؟)، ويقال إنه استخدم كلمة أخرى غير حكايات. فحوى كلام دكام أن الناس سوف تنبش سيرته وتلصق بها العيوب فالنبيشة موجودة بكثافة في ثقافتنا السودانية فتجد الواحد منا خامل الذكر لا يطراه الناس بخير أو شر وعندما يحدث له تغيير إيجابي يأخذون في تقليب الصفحات غير المشرقة في حياته كان.. وكان… وكان ولعل هذا هو الذي ينتظر الوزراء القادمون فعليهم أن يعلموا أن المشكلة لن تكون في ميولهم السياسية السابقة فقط بل في سيرتهم الاجتماعية وقد ينسب لهم ما لم يفعلوه وقد تتضخم المخالفات الصغيرة التي ارتكبوها في صباهم وشبابهم، فما عليهم إلا تجاهل ذلك وأخذ الوظيفة بحقها و(تكريب) أعمالهم ويستقيمون ليدخلوا التاريخ من أبواب الإنجاز المستعة ولحسن حظهم أن البلاد وصلت مرحلة من السوء في الثلاثين عاما ثم في الثلاثة أشهر فمجرد نجاحهم في إيقاف التدهور سوف يصبح إنجازا.
(4)
ولكل الذي تقدم ورغمه فإننا نناشد الجهة التي تقوم باختيار الوزراء أن تتوخى الشباب لأنه ليست لهم محمولات ماضوية سياسية كانت أم اجتماعية ثقيلة فمعظم (الجلاكين) تلوثوا بتاريخ هذة البلاد المنكود والأهم من كل هذا أن يكون المختارون ممن يجيدون التقانات الحديثة، فأي زول يحمل قلما في جيبه يجب ألا يدخل قائمة الترشيحات، أما أبو قلمين أحدهما أخضر فيجب أن يفرم هو وأقلامه. عليكم بما دون الخمسين.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.