همس الكلام حسين الخليفة الحسن

الدويم تذرف الدموع أخي الوالي

شارك الخبر

الأخ الأصغر مِنِّي سِنّاً والي ولاية النيل الأبيض المُكَلّف: الدويم مدينة العلم والنور، تحتضنها برفقٍ وحنانٍ الضفّة الغَربية من نيلنا الأبيض العَظيم: “سليل الفراديس”، تَفترش رِمَاله، وأناملها البَضّة تُدَاعِب ذراته النّاعمة.. مَدينة عُرفت بإرثها العتيق، وتَاريخها المُوغِل في القِدم.. مَدينة تَضم إلى صَدرها تَوأمتها قلعة العَِلم والمَعرفة “بخت الرضا” والبخت في واديك.. بخت الرِّضا التي نَهَلَ مِن مَعينها كل من طلب رسم الحرف، ونطق الكلمة، ولها دَيْنٌ عَلَى كُلِّ سُوداني.
مدينة كَانَت من حِسان مُدن السُّودان، شَامَة عَلَى خَدِّه.. مَدينة أنجبت للوطن أفذاذاً ونُجباء الرجال الذين مَلأ صَيتهم الآفاق، دَاخل وخَارج البِلاد.. رجال أثروا ثقافة الخدمة المدنية civil service.. بثاقب فكرهم، وصَائب رأيهم، رجالٌ بَرَعُوا في شَتّى المجالات السِّياسيَّة، الاجتماعيَّة، الاقتصاديَّة والأكاديميَّة.. نذكر منهم: محمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق، سِر الختم الخليفة رئيس حكومة أكتوبر، د. خليل عثمان الاقتصادي المَرمُوق، أحمد بشير العبادي، البروفيسور الطيِّب زين العابدين، البروفيسور الطيب حاج عطيه وغيرهم كُثرٌ.
مدينة أهدَت لجامعة الخرطوم في عهدها الزاهر مُديراً لها كامل الدسم: البروفيسور إبراهيم أحمد غندور، ونخبة من فلذات كبدها صَاروا عُمداء لكلياتها أمثال: البروفيسور عبد الرحمن محمد موسى، البروفيسور سيد عثمان سيد أحمد، البروفيسور حسن أحمد إبراهيم، البروفيسور أحمد محمد عبد المجيد وغيرهم من غيّبتهم الذاكرة.. مدينة عُرف أعيانها بالأريحية، الشهامة والسَّخاء الفطري والوطنية المُتأصِّلة، رجال مَدُّوا أياديهم البيضاء لكل من عَبَسَت الأيّام في وجهه، رجال وَضَعُوا اللبنات الأولى لصرح بَخت الرضا، رجال فتحوا قلوبهم ودُورهم لاستقبال ضُيُوف المعهد فأحسنوا ضيافتهم.
رجال نذكر منهم: العُمدة عمران، الخليفة الحسن، عبد القادر كريم الدين، أحمد فضيل، عثمان عمار وغيرهم وغيرهم.
أخي الوالي: تَمَعّن معي في إشراقات هذه المدينة الواعدة، مدينة بهذا الشموخ، العطاء، والألق والتّألُّق ألا تستحق الوفاء، ووضعها في حدقات العيون؟
أخي الوالي: أما كان الأجدر أن تلم بهُمُوم وتاريخ مُدن ولايتك عقب أن حَللت سهلاً؟ إنّه نهج وأسلوب الراعي الذي يتوخى الحكم العادل الراشد السّوي good governance.
مدينة كهذه ملأت الأرجاء، علماً، نوراً، ثقافةً، حَضارةً وإبَداعاً، هل حُظيت بحيِّز في ذاكرتك أخي الوالي كسائر مُدن الولاية ذات الحظوة السَّامية؟ نَمَا إلى علمي أنك قُمت بزيارةٍ خاطفةٍ مُباغتة للدويم لساعاتٍ قلائل صمت لها الآذان.. فماذا كان الحصاد؟ نُريد أخي الوالي زيارة بمقام مدينتنا مَكانةً، رفعةً ومجداً.. شَمِّر أخي الوالي عن سَاعد الجَد، ونحن مَعك واخرج الدويم من عُنق الزجاجة، فقد اعتلى رأسها شيباً، وتَساقطت أزهارها، واختنقت وكادت أن تنقبض أنفاسها.. فلماذا تغضوا الطرف عنها، ولم تُحرِّك الولاية ساكناً؟ أنقذوها لتبقوا خالدين بذاكرتها.. هل نتفاءل أخي الوالي؟ أم سيلوذ صوتي بوادي الصمت..!
التوفيق من عند الله

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.