استفهامات … احمد المصطفى ابراهيم

إلى السلطة القضائية

قبل سنوات كان مكتب توثيق الشهادات في وزارة التعليم العالي بالقرب من جامعة الخرطوم عبر شبابيك تفتح على الشارع، ويقف طالبو الخدمة في صفوف على الشارع يفصل بين الصف والصف سياج حديدي كالذي تنطلق منه الخيول في السباق، يقدمون أوراقهم لعدد من الموظفين لا يتجاوزون الخمسة .هؤلاء الموظفون في مكتب كبير المساحة ومكيف و(مُمروح) به مراوح يعني، والزبائن في حر الشمس وتحتهم ظلط (القراء اليمنيون ان وجدوا، ظلط معناها أسفلت وليس نقود).
كتبت يومها مقالا ساخناً استنكر فيه ذلك الوضع واقترح أن يبدل بمكتب واسع ومكيف ومرتب وفيه أماكن يجلس فيها طالبو الخدمة، وكلهم علماء أو مشروع علماء، ولقد كان واستجابوا جزاهم الله خيرا (الجديدة). اليوم تأخذ رقما وتجلس محترماً الى أن يظهر رقمك على الشاشة وتجرى الخدمة في دقائق.
السلطة القضائية أحدثت طفرة عمرانية في مكاتبها المنتشرة في السودان، بأنموذج موحد في كل السودان ما أن ترى المبنى إلا تحلف أن هذا مكتب السلطة القضائية، وأكثر ما يهم الناس في هذه المباني تسجيلات الأراضي( يا إخوانا أراضي دي غير مقنعة لأن الأرض واحدة) تسجيلات قطع الأرض مش أحسن؟
في الأسبوع الماضي، ساقتني قدماي إلى تسجيلات قطع الأرض الخرطوم جنوب الديوم . صراحة ما بداخل المبنى ليس كمظهره الخارجي. زحام وعدم ترتيب وضجر وجو لا مبتسم فيه قط.
الذي صمم هذه المباني الجميلة والتي تعد طفرة عمرانية ازدانت بها كثير من المدن السودانية (اليسمع مدن ما يصدق ممكن نقول القرى الكبيرة) الذي صمم هذه المباني لماذا لم يلحقها بنظام إداري يتناسب وعلوها، أليس لهم في مجمعات الشرطة الخدمية أسوة؟
قبل أن اقترح الحل الذي يحفظ للإنسان كرامته ويوفر عليه وقته، أسأل: الموظف السوداني هل يُسأل في نهاية اليوم العملي ماذا أنجز من عمليات؟ ولماذا؟ إن قلّت لماذا؟ وإن كثُرت لماذا؟ حتى يبني عليها الرئيس المباشر ما يجعل يوم غدٍ خيرا من، وهنا يبدأ التطور أما إذا ما ترك الأمر سدى فلن نعرف أين نحن وماذا نريد؟
لا شك أن هذا التكدس البشري والزحام لا يرضي إلا موتى الضمير، ولكل داء دواء خصوصاً عندما يكون الداء إدارياً (الحل ليس في البل فقط) . لماذا لا يزود مكتب مثل تسجيلات قطع الأرض في كل السودان بماكينات الترقيم والمناداة (تذكرة رقم 1 توجه للشباك رقم 2) وهذه الماكينات أصبحت متوفرة ومشهورة جداً كبديل للصفوف والإهانة البشرية.
لا نريد أن نقول إن ميزانية السلطة القضائية تحتمل تقديم الخدمة لكل مواطن في بيته. فقط عندما يقصد مبانيها ليجد ما يحفظ كرامته من ترتيب ونظام.
لنحفظ لهم بعض الجميل ان سيستم التسجيل وفر كثيراً من الوقت مع الدقة.
كلهم يحتاج تربيةً الشعب والحكومةً.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.