بعد العُثور على جثة أحدهم.. أطفال التوحد في السودان.. إهمال حتى الموت

الخرطوم: تسنيم عبد السيد – تصوير: نزار عباس
كشفت منظمة سودانية متخصصة في رعاية الأطفال مُصابي ” التوحد” لـ(السوداني)، عن ارتفاع كبير في أعداد المصابين بالمرض في السودان، مُنبهة إلى وجود إهمال من جانب الحكومة في رعاية الأطفال وتوفير العلاج والتأهيل، فضلًا عن جهل المجتمع بالمرض ومتطلبات التعامل السليم مع أصحابه، ما يقود لخسارة الطفل كفاعل في المجتمع أو فقده بسبب الموت لتأثيرات المرض، خاصة بعد أن فقد أحدهم حياته بسبب ” الإهمال والجهل”. “السوداني” بحثت حول قضية أطفال ” التوحد” بالسودان، وأزاحت الستار عن كثير من الحقائق الغائبة والمعلومات المهمة..

قصة صادمة:
في العاشر من ديسمبر الماضي ضجت الأوساط السودانية وتفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع صور لطفل مفقود خرج من المدرسة ولم يعُد للمنزل، لكن سرعان ما جاء الخبر الصادم من أسرة الطفل بأنه تم العثور على جثته، بعد أن توفي غرقاً في النيل. إلى هنا انتهت القضية بالنسبة للعامة، دون أن يدري أحدهم أن هذا الطفل كان يمكن أن ينجو من الموت لو انتبه أحد إلى أنه طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ومصاب باضطراب التوحد، وهذا ما أكدته مسؤولة التأهيل ومدربة الطفل بمركز ” أيدي لا تمل”، المنظمة التي تُعنى بأطفال التوحد في السودان د. ندى السيد إبراهيم في حديثها لـ(السوداني) حيث أفادت بأن الطفل محمد أكرم خرج من المدرسة وأضاع اتجاه المنزل، والتقى عدداً من أفراد المجتمع، ولم يجد من يتفهم حاجته فضلّ طريقه، وكان الثمن روحه، مشيرة إلى أن أكرم كان له أكثر من فرصة للنجاة لكن المجتمع أراد له الموت، وذلك بسبب جهله بمرضه وطريقة التعامل معه – حد تعبيرها-.

شكاوى الإهمال:
وكشفت مدربة الطفل بـ” أيدي لا تمل” عن ارتفاع عدد حالات التوحد في السودان دون أن يجدوا الرعاية المطلوبة من الدولة، مشيرة إلى عدم وجود إحصاءات رسمية بأعداد أصحاب اضطراب التوحد في السودان، لافتة إلى عدم وجود مراكز متخصصة كافية للعناية بأصحاب الهمم مصابي التوحد. وأشارت د. ندى السيد إبراهيم في حديثها (للسوداني) إلى غياب دور الدولة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة المصابين بالتوحد، كاشفة عن وجود إهمال كبير من جانب مؤسسات الحكومة، ووزارتي الصحة والتربية والتعليم، وكذلك فيما يختص بتوعية المجتمع للتعامل مع الحالات التي تعاني من الاضطراب، وكذلك وجود مراكز علاجية متخصصة لخدمة أطفال التوحد من تشخيص وعلاج وتأهيل..

ما خفي أعظم:
واشتكت المنظمة الوحيدة المعنية برعاية أطفال التوحد بالسودان من تكدس الأطفال أصحاب اضطراب التوحد في صفوف الانتظار، منبهة إلى أن المنظمة لها مركزان لتأهيل أطفال التوحد بالعاصمة الخرطوم، لا يستوعبان أكثر من 300 طفل لتأهيلهم، مؤكدة أن العدد الحقيقي للأطفال الذين يحتاجون للتدريب والتأهيل أكثر بكثير من الرقم المذكور، لكن لا توجد أماكن لاستيعابهم، بسبب تقصير الحكومة في رعايتهم. ” يُربطوا بالجنازير”
وأضافت د. ندى السيد أن كثيراً من الأسر اضطرت للسفر خارج السودان لتوفير الرعاية والتأهيل لأطفالها الذين يعانون من اضطراب التوحد، مشيرة إلى أن المركزين اللذين تشغلهما منظمتها أُسسا عبر مساهمات ودعم من خيرين وليس للدولة سهم فيهما، كاشفة عن وجود أسر بولايات السودان تقضي على حياة أطفالها الذين يعانون من التوحد، فتعمد على ربطهم بالجنازير والحبال لمنعهم من الخروج للحد من حركتهم المفرطة، وفي بعض المناطق يذهبون بهم للمعالجين بالطب البديل ظناً منهم أن هذا الداء مسٌّ من الشيطان..

إهمال كبير:
كشف المجلس القومي للمعاقين بالسودان، عن وجود إهمال كبير لأصحاب الإعاقة في السودان بجميع أنواعهم، وأن الإحصاءات الرسمية تشير إلى وجود نحو مليوني من ” مُعاق” في السودان، ما يشكل نسبة 5% من السكان. وأكد مصدر مسؤول بالمجلس على أن حالات اضطراب التوحد تمثل نسبة كبيرة ولا يقل عددهم عن 500 ألف، لافتاً إلى عدم وجود رعاية أو تأهيل لتلك الفئة في كل نواحي الحياة، وأضاف في حديثه ( للسوداني): ” لا تعليم ولا صحة ولا بيئة ملائمة”. وأشار المصدر المسؤول إلى وجود إهمال من جانب الحكومة في رعاية الأطفال وتوفير العلاج والتأهيل، فضلاً عن جهل المجتمع بالاضطراب ومتطلبات التعامل السليم مع أصحابه، ما يقود لخسارة الطفل كفاعل في المجتمع أو فقده بسبب الموت لتأثيرات الاضطراب.
في وقت كشفت إحصاءات لمنظمات سودانية متخصصة في رعاية ” المعاقين” وأطفال التوحد، عن ارتفاع كبير في أعدادهم بالسودان.

مصادقات دولية:
وعلى الرغم من أن السودان مصادق على اتفاقات دولية تحفظ حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه وبحسب الدكتورة ندى السيد فإن الحكومة لا تلتزم بالعمل بها، وأن أطفال التوحد يعانون في التعليم والدمج بالمدارس، رغم أن السودان موقّع على اتفاق يلزم الحكومات بقبول 3% من أصحاب الهمم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.