انقذوا الآلية الاقتصادية العليا

تضاربت مساء أمس الأنباء عن تغيُر طرأ في رئاسة الآلية الاقتصادية التي تشكلت مؤخراً برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول حميدتي بغرض إدارة أزمة البلاد الاقتصادية الطاحنة وتوفير حاجات المواطنين الأساسية وعلى رأسها الخبز والوقود، جاء الخبر بعدة أوجه فذكر موقع (باج نيوز) الموثوق : انه علم من مصادر موثوقة أنه تم تعيين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك رئيسا للآلية الاقتصادية، فيما احتفظ الفريق اول حميدتي بعضوية اللجنة. ونقلت مواقع أخرى خبرًا أكثر حدة يقول إن الفريق أول حميدتي رفض رئاسة اللجنة بل وأصر على رفضه رغم رجاءات ومحاولات بُذلت لإثنائه.
والملاحظ أن الناطقين باسم مجلس السيادة ومجلس الوزراء عقب الاجتماع المشترك الذي عقد للمجلسين امس لم يتطرقا لهذه الأمر وهما يحدثان الإعلاميين عن نتائج هذا الاجتماع الذي ناقش إجمالاً قضايا الأمن حسب ما أدليا .
في اعتقادي أن أقل ما يوصف به خبر تغيير رئاسة الآلية أنه خبر مربك ومقلق، بدءًا لأن الآلية أعلن عن تكوينها في ظروف (صعبة) فالمعاناة استوطنت منازل المواطنين والعنت يسد فروج صفوف الخبز والوقود، والرهق لم يبارح المزاحم في المواقف والمحطات والتقاطعات ويا (يا عم قدام)، وكان المتوقع أن (تُعسكر) الآلية العليا في موقع عملها لا أن تكون في حالة انعقاد دائم شكلية يمكن أن تتم بالهواتف النقالة، فنتفاجأ بحكم ما يتناقل أن الآلية نفسها ما زالت تراوح مكانها بل أن امر قيادتها نفسه محل شد وجذب .
مثاري هذا بالطبع ليس متعلقا بالشخصيتين الرفيعتين (الحاءين) حميدتي وحمدوك أو بأهليتيهما لرئاسة الآلية فطبيعي أيهما بموقعه الرفيع يمكن أن يكون على رئاسة آلية وصفت بالعليا، ولكن الذي يصيب بالصدمة فيما يبدو أنه تغيُر الروح والإحساس اللذين تولدت بهما الآلية، فبالعودة إلى خبر (باج نيوز) المشار إليه أعلاه جاءت خاتمته على هذا النحو (وأثار تعيين حميدتي للآلية الاقتصادية ردود أفعال متباينة داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، حيث اعتبرت بعض المكونات أنها نوع من الهيمنة الجديدة والتغيير، فيما رأت بعض القطاعات أن الرجل يمكنه إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية) أليس حديث التشكيك بالهيمنة هذا هو روحاً مُخالِفة لما بدأ به اتخاذ إجراءات وصفت بالعاجلة لإنقاذ الوضع المتدهور بالبلاد ؟، وهل يقرأ هذا الموقف المنقول مع إفادات الفريق اول حميدتي لقناة سودانية 24 مؤخراً الذي قال فيه (نبَّذونا وأساءوا لينا لما قدمنا يد المساعدة)، ومع ما أثاره حميدتي بحدة في اجتماعات مع المكونات بأنهم أي (الدعم السريع) وجدوا الرفض بل والتخذيل حين اصدر توجيهاته بإفراغ مواقف المواصلات من المواطنين بسيارات الدعم السريع والمساهمة في حل أزمة المواصلات، وهل يقرأ مع امتعاضه من سلوك بعض الشركاء حينما جرد قوافل الدعم لمنكوبي الأمطار والسيول بولايات البلاد المختلفة واعتبره هؤلاء الشركاء قيمة إضافية للدعم السريع ونقصانا لرصيدهم أمام الشعب .
أعود وأقول أنا لست منحازًا لرئاسة حميدتي للآلية أو رافضًا لقيادة حمدوك لها، بل أنني أطالب بجهد ينقل الإحساس أولاً للمواطنين أن قياداتهم الفتية رسمية كانت أو سياسية بأنها تحمل همومهم على رؤوسها وفي حدقات عيونها، وهذا يترجم بمشهد الإرادة الواحدة التي عندها تُنكر الذوات وتنزوي الرغبات وتقتل الشكوك وتنفى الظنون، فما عند الدعم السريع أو ما بيد حميدتي أو إمكانيات القوات المسلحة أو غيرها من الأجهزة النظامية هي ملك البلد ومقدرات للوطن ـ رضي من رضي وأبى من أبى ـ، وظننا حين تُكوّن آلية عليا طبيعي أن تراعى في تكوينها تراتبية الحكم حتى لو بروتوكوليا، وحين تنشأ مثل آلية الأزمة هذه طبيعي أيضاً أن تقوم بالسيطرة الكاملة على كل إمكانيات البلاد ومقدراتها دون استثناء حتى القطاع الخاص ورجال الأعمال لابد أن ترى (حوبتهم )، لأن في ظني الأكبر أن (الحالة طوارئ وطنية) وليست هيمنة جديدة، ولا ميزة لعسكري على مدني ولا لرسمي على شعبي، بهذه الروح وحدها لا غيرها ستنطلق اللآلية لتحقيق أهداف تكوينها بسند المواطنين السودانيين (المفتحين) الذين يمتلكون أجهزة حساسية عالية القياس لما هو جديد وما هو (فهلوي) ،، وإلى الملتقى

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.