موجة الهجوم علي رجال الأعمال

د/ عادل عبد العزيز الفكي

تتداول منصات التواصل الاجتماعي هذا الأيام ما يمكن أن نسميه موجة عارمة من الهجوم على بعض رجال الأعمال بالاسم، وعلى عدد من المصانع والمنتجات، بادعاء أنها ترفع الأسعار، وتمتص دماء الأطفال والفقراء. لست بصدد الدفاع عن شخص أو أشخاص بعينهم فهم أقدر على ذلك، ولكني أريد أن أبين خلل هذا التوجه ومضاره الاقتصادية والاجتماعية.

نعترف أن عندنا في السودان مشاكل متعلقة بالفقر وبالغلاء الفاحش. لكن مثل هذه المشاكل لا يعالجها رجل أعمال ولو كان ثرياً جداً. هذه مشاكل متعلقة بالدولة ونظامها الاقتصادي.

أهم محاور التقليل من حدة الفقر هو تشغيل الناس لخفض نسبة البطالة، وهذه المصانع التي تتم مهاجمتها عبر الأسافير تشغّل المئات الذين يعولون أسراً كثيرة ويقونها شر الفقر والمسغبة. لهذا فإن من أهم أنشطة الحكومة تشجيع الاستثمار والمستثمرين، لينشئوا المصانع ويحيوا الأراضي البور بالزراعة.

المسألة الثانية المهمة ان المنتجات الراقية والفاخرة التي تنتجها بعض المصانع والشركات مصممة لفئة معينة من الناس ممن يقدرون على شرائها، وعلينا تشجيع قيام أنشطة ومنشآت تنتج على سبيل المثال لبناً أو زبادي أو دقيقاً أرخص. لهذا السبب أيضاً تشجع الحكومات قيام وزارات أو إدارات للصناعات الصغيرة تنتج منتجات مشابهة أقل سعراً.

أما التساؤل حول أسباب زيادة المصانع أسعارها وبهذه الوتيرة المتسارعة، فالرد بسيط: الكثير من مدخلات الإنتاج الصناعي مستوردة وتتأثر بشدة بزيادة أسعار العملة الأجنبية وعليه فإن هذه المصانع تزيد أسعارها بنفس سرعة زيادة الدولار، بدأنا العام ٢٠٢٠ والدولار ما بين ٨٠ ج إلى ٩٠ جنيها. نحن الآن في الشهر الرابع من العام وتجاوز الدولار ١٣٠جنيها. وعلى أية حال بوزارة الصناعة الاتحادية والوزارات المسئولة عن الصناعة بالولايات أقسام مختصة بالتكاليف الصناعية، يمكنها أن تتدخل إذا ما غالى أي مصنع في أسعاره. فضلاً عن وجود قوانين لتنظيم التجارة وحماية المستهلك تطبق إذا ما مارست أية جهة الاحتكار أو المنافسة غير الشريفة.

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، وفي ظل جائحة كرونا العالمية، من الأفضل تشجيع المصانع على العمل، ودعمها، كي لا تتوقف ويتضرر من يعمل بها ويضاف لزمرة الفقراء.

منطقي أن نطلب من الأثرياء ورجال الأعمال التبرع لعمل الخير. لكن من غير المنطقي رمي كل ثري بأنه ماص لدماء الشعب ،لأن هذا من شأنه إثارة النعرات الطبقية، وقد يؤدي لهياج البسطاء فيقومون بتدمير المصانع والمزارع ومعدات الإنتاج، كما حدث قبل فترة بسيطة بإحدى ولايات الوسط، ففقد العشرات وظائفهم وانضموا لفئة الفقراء.

الوعي مطلوب في هذه المسائل خصوصاً من الفئة المتعلمة. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.