عقبات أمام فرحة القمح

(1)
في قرية مجاورة لنا من قرى شمال الجزيرة، تجمعت النسوة والأطفال ذات عصرية وكل يحمل مقداراً من الذرة في إناء وجمعوا الحطب وأوقدوا النار وشدوا البليلة بنية دفع بلاء الكورونا حتى لا يدخل القرية، وهذه العملية تحت ثقافة (مدافعة البلاء بالبليلة) أو (مكافاة الشر بالكرامة) وهي ثقافة متأصلة في كافة أنحاء السودان . مر أحد المزارعين على ذلك المنظر فما كان منه إلا ان اهتاج وذهب الى موقع الحدث وهو يصيح (يا نسوان انتن جنيتن دا زمن مطر نحن قمحنا لسه ما اندق عاوزات تجيبن لينا مطرة عشان ترمد خشمنا)، فالرجل كان يظن ان المقصود بالجمع الاستسقاء وهذه ايضا عادة متأصلة ولكنها تمارس عند تأخر المطر. فتم الرد عليه بأن هذه الكرامة لمدافعة وباء الكورونا، فرد (الكورونا وينا هي؟ نحن ما شايفين لينا كورونا هنا . بس شايفين قمحنا النشف دا فمن فضلكن أطفن النار دي ما تقوم تجيب لينا مطرة).

(2)
الرمية أعلاه تعكس الضيق الذي بدأ يدب في نفوس المزارعين من تأخر حصاد القمح نتيجة العقبات القديمة والمتجددة وعلى رأس الجديدة الجازولين والخيش، فإن كانت مشكلة الخيش تم التغلب عليها جزئياً بإدخال البلاستيك رغم ما أحدثه البلاستيك من مشاكل إذ أن جواله يزن 110 كيلو بزيادة عشرة كيلو ولا تحسب للمزارع ظلما وتطفيفا، فالبنك الزراعي الذي يبيع التقاوي للمزارع بالكيلو يريدها كوار بدون حساب. بينما مطاحن سين مشكورة تتعامل بالوزن، فلو ترك البنك الزراعي التطفيف وأحضر الموازين ساعة الاستلام لاستعمل الناس جوالات التفريغ أي المستعملة والبلاستيك وانحلت مشكلة الخيش، ولكن أصحاب المصالح الذاتية لن يضحوا بمصالحهم، فهناك تجار الخيش وتجار التفريغ وهذا كارتيل مكون من إداريين وناس سوق . عليه تبقى المشكلة مشكلة الجازولين. إذ أصبح صاحب الحاصدة يقول للمزارع (جيب جازك) فيضطر المسكين لركوب الصعب.
بالله دا كلام دا؟

(3)
من مشاكل الحصاد القديمة التي تفاقمت هذا العام توزيع الحاصدات وهذه تقوم بها الإدارة الزراعية، فبعض المرشدين الزراعيين أكرر بعض يخضعون هذه العملية لما تحت التربيزة فتتحرك الحاصدة عشرة كيلو مترات تاركة خلفها مئات الأفدنة من القمح تحت حصار المواشي لتحصد لفلان فتبدد الجازولين والوقت وتزيد التلف من أجل عيون ذلك الفلان . أصحاب الحاصدات رفعوا السعر المتفق عليه من 1250 للفدان الى ألفي جنيه فهذا موسم الابتزاز . أحد المعتمدين أخذ يطارد الحاصدات لدفع الأتاوات المحلية المتراكمة وإلا سوف يوقفها عن العمل بالله شوف الإداري الانتهازي دا ؟بس للأسف على حساب القمح . بعض السياسيين يبتزون أصحاب الحاصدات بأنهم يعملون بالسوق الأسود لأن البلد ما فيها جازولين فطفشوا الدقاقات أها جنس ديل يعملوا معاهم شنو ؟ عادة مع الحصاد تحدث بعض الحرائق نتيجة إهمال. فالرعاة وعمال الحاصدات يوقدون النار لطهي الطعام أحيانا تخرج الشرارة من عادم الحاصدة وفي مرة كانت نتيجة سيجارة ولكن هذا العام اتسعت مساحة الحرائق وصلت حتى اليوم 340 فداناً في أربع مناطق هذا على حسب ما يردنا في الواتساب وهو أقرب للصواب , خلاصة القول ان الأمر قد وصل مرحلة خطرة والفاقد يزداد يوما بعد يوم والايادي على القلوب والخوف يتسع كل ما مر يوم (انظر قصة المزارع مع البليلة اعلاه ) فالجازولين الجازولين يا مسؤوليين.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.